28.34°القدس
28.1°رام الله
27.19°الخليل
30.56°غزة
28.34° القدس
رام الله28.1°
الخليل27.19°
غزة30.56°
الثلاثاء 15 يوليو 2025
4.51جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.92يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.51
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.92
دولار أمريكي3.36

خبر: العاصفة الثلجية تُعيد فصول النكبة القاسية

أعادت العاصفة الثلجية، التي ضربت فلسطين قبل أيام، الحياة لفصول سوداء خلفها الزائر الأبيض للمنكوبين في شتاء عام 1950، وحكايات عاشوها تحت سماء مخيم الفارعة، وفي أراضي منطقة "جنزور" وبلدة يعبد وقرية عانين بمحافظة جنين. وتنقل السبعيني محمد موسى عبد الجواد، بين صفحات رحلة الاقتلاع من الكفرين المجاورة لحيفا، والعيش تحت رحمة ثلوج الرابع من شباط 1950، التي استمرت أربعة أيام متواصلة. يقول: "كانت الثلوج تغطي غرفة منزلنا الوحيدة في بلدة عانين، وأكلنا البرد الشديد في الليل، وفي النهار كنا نخرج للعب بالثلج، ولرمي كراته على بعضنا البعض، وكانت الدنيا قلة، ولم نكن نمتلك أغطية كافية، ويومها شعرنا بالذل الذي نعيشه، بعد ترحيلنا من بيوتنا". ووفق الراوي، فقد شهد مخيم الفارعة، هطولات ثلجية عام 1992، لكنها لم تكن بتلك القسوة، ويمها تدافع أبناء المخيم والشبان خصوصاً، لفتح الطرقات، ومساعدة المحتاجين. [title]ثلج أسود! [/title] فيما يقول الثمانيني خليل أحمد أبو زهرة، بصوت أجش، ودموع أخفاها بكفه: لم نر الثلج في صبارين، وسمعت من والدي أن حيفا صارت بيضاء عام 1934، وفي سنة الثلجة الكبرى عام 1950، كنا نسكن في بيت قديم لعائلة الطاهر في يعبد، "ولما فقنا من النوم، حاولت فتح الباب، ولم نعرف أن الثلوج قد سقطت ليلاً، ولم أعرف، فجاء والدي وساعدني، وشاهدنا الأرض بيضاء، وأخذنا نساعد الجيران لفتح باب بيتهم، وخلعنا الباب، وأخذنا ننظف الشارع القريب بمجرفة وطواري". يتابع: "في تلك الأيام، التي استمرت لأسبوع، عرفنا طعم المرارة، ولم نكن نمتلك وسائل تدفئة، ولا أغطية كافية، وعرفنا مرة أخرى معنى الغربة وفقدان البيت". ولم تمتلك عائلة أبو زهرة الكثير من الخيارات، فظلت حبيسة المنزل، واستعانت بكانون النار، قبل أن تنام بالقليل مما تيسر من أغطية. يقول: "رأينا الثلج عام 1992 في المخيم، ولا زال أمامنا في الجبال المحيطة بنا، وفي كل مرة أشاهده أتذكر الحسرة التي نعيشها، فقبل ترحيلنا من صبارين، كنا نصطاد السمك من أنهار بلدنا، ولا أنسى ينابيع المُشراع، والسير، وعين البلاطة، وعين الصلاة، التي كانت قريبة من المسجد، ويتوضأ بها من يدخل للصلاة". وينهي: "في أيام الشتاء بالتحديد، وبعد أن أصابني المرض، أطلب من أولادي دفني في صبارين، بأي طريقة، ولو هربوا عظامي لأرضنا ومزارعنا فيها". [title]قلّة وذلة [/title] السبعينية صبحية نايف محمود تقول: "عندما هجرّنا اليهود من الكفرين، القريبة من حيفا، وصلنا لمنطقة (جنزور) على شارع جنين- نابلس، في منطقة سهلية، ونصبوا لناء الخيام، وفي عام 1950 نزل علينا الثلج، وهدم الخيام، وغرقنا في الوحل، ووقعت الأوتاد على رؤوسنا، وبقينا يومين في العذاب، وجاءت شاحنات الوكالة، ووزعتنا على المخيمات، ونقلت عائلتنا إلى مخيم نور شمس، وبعضنا وصل مخيم الفارعة، ومخيم جنين". وتضيف: "في سنة الثلجة قتلنا الجوع، وعرفنا القلة والذلة، ومتنا من شدة البرد، وغرقت ملابسنا وأغطيتنا، وصفينا مرة أخرى بلا أي شيء، وسمعنا عن ناس ماتت من الثلج وشدة البرد". وتسكن في ذاكرة محمود أمين أبو لبدة (70 عاماً) الكثير من التفاصيل عن ثلجة شباط عام 1950، فوقتها كان مخيم الفارعة مجموعة من المساكن، بين 50- 60 خيمة، في منطقة تسمى "مرج الدوم"، كانت مزرعة بأشجار السدر والدوم وذات نبات شوكي، ودون أية مرافق، ولا وحتى دورات للمياه! يقول، وهو يشير للثوج التي تستلقي على جبال نابلس: ارتفع الثلج بين 40-50 سنتميراً، وتمزقت الخيام وانهارت، وغرقت مقتنيات الناس البسيطة، من ملابس وبعض الأغطية والقليل من أواني الطعام، وجاءت الوكالة لنقلنا إلى مركز الجيش الأردني (سجن الفارعة لاحقاً ومركز صلاح خلف اليوم)، وعشنا عدة أيام في منطقة كانت تستخدم كإسطبلات للخيول، وذقنا الأمرين، ثم أعادوا لنا بناء الخيام، وأحضروا أوتاداً من أعواد الرمان لتثبيتها، ومما لا ننساه، كيف أن أعواد الرمان برعمت وأزهرت من شدة المطر، وطرحت ثماراً، ولا زالت بعض الأشجار منها حتى اليوم".