24.97°القدس
24.62°رام الله
26.08°الخليل
27.17°غزة
24.97° القدس
رام الله24.62°
الخليل26.08°
غزة27.17°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: بين الأشواق الربانية والأشواك الأرضية

الأشواق الربانية تُشدي، والأشواك الأرضية ُتشجي، الأشواق الربانية ُترضي، والأشواك الأرضية تُردي، الأشواق إلى الله تُبكي من فرط الحب والهدي، والأشواك الأرضية تُدمي من فيض الألم والنوى، الأشواق الربانية تجعل النوم غمضا، والطعام قوتا، والنطق ذكرا، والصمت فكرا، والنظر عبرا، والأشواك الأرضية تُحيل النوم فَرَقا، والنطق شكوى، والصمت ضجرا، الأشواق الربانية تنير الليل تبتلا ورقا، والأشواك الأرضية تظلم الليل سهرا وأرقا، الأشواق الربانية تسخي اليد عطاء وبذلا، والأشواك الأرضية تجعل اليد مغلولة قبضا وبسطا، الأشواق الربانية تجعل المسافات نزهة وطربا، والأشواك الأرضية تجعل السير إدبارا وهربا، الأشواق الربانية جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يبتسم للموت ويستعذب سكراته؛ لأنه مَعبر إلى الرفيق الأعلى، والأشواك الأرضية سحبت الفرعون إلى السحيق الأدنى، الأشواق الربانية جعلت بلالا يشدو عند الموت: "عجلوني عجلوني غدا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه"، والأشواك الرضية تجعل صاحبها ينعى: "أخروني أخروني.. لا تعجلوا بي إلى أبي جهل وحزبه"، الأشواق الربانية جعلت حنظلة غسيل الملائكة ينزع نفسه ليلة عرسه من زوجته وحبة قلبه ليجاهد إرضاء لربه، والأشواك الأرضية عطلت ابن سلول أن يسعى نحو عزه ومجده وارتد على عقبه، الأشواق الربانية جعلت زيد بن الدثنة يفرح لمَّا طعن غدرا ويقول: "فزت ورب الكعبة"، والأشواك الأرضية جعلت أبا لهب يهرب من القتال في بدر خشية أن يقتل بيد فارس، فقتل في مكة بيد امرأة من قومه، الأشواق الربانية تجعل أرواح المحبين في عناق وتلاق، والأشواك الأرضية تحيل حياة المتنابذين إلى شقاق وطلاق، الأشواق الربانية تحرك نحو المعالي، والأشواك الأرضية تحرِّق كل نفيس وغال. الأشواق في الدنيا لا تخلو من أشواك "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ" (البلد:4)، والأشواق في الجنة بلا أشواك؛ "بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" (آل عمران:169- 170) فطوبى لمن آثر الآجلة على العاجلة، ويا بؤس من عاش في أشواك الدنيا والآخرة "خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (الحج:11)، ويا نِعم من قادته أشواقه إلى المعالي، ويا بؤس من حاطته أشواكه بالمعاصي. الأشواق الربانية نغم يشبع النفس أمنا: (أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: 82)، والأشواك ألم يملأ النفس حزنا، الأشواق مشاعر تضيء المشاعل، والأشواك متاعب تضاعف المشاغل، الأشواق أنوار في القلب تهيجه نحو المكارم، الأشواك ظلمات في القلب تجره نحو المغارم، الأشواق إلى الله تحوِّل الصلاة خشوعا، والصوم احتسابا، والصدقة إحسانا، والذكر طوعا، والعفو طبعا، والخير وفيرا، والقليل كثيرا، والرضا بما قسمه الله أصيلا، والسخط دخيلا، والأشواك في الطريق إلى الله تقطع الصلاة بالشواغل، والصيام بالغيبة والنميمة، والحج بالرفث والفسوق والجدال، وتجعل الزكاة مغرما، والذكر نادرا، والعفو مستحيلا، والكثير قليلا، الأشواق إلى رسول الله تجعلنا ندرِّس سيرته، ونعرف مناقبه، ونتأسى بسنته، ونكثر من الصلاة عليه، ونسارع إلى حماية دينه وحمل رسالته، وتبليغ دعوته والتمكين لملته، والتضرع لله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى في جنته، والأشواك في طريقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعلنا ننسى سيرته، وننكر مناقبه، ونتأسى بأعدائه، ونلهث وراء كل ناعق، ونزحف وراء كل فاجر، الأشواق إلى الأحباب في الله تدفع إلى التزاور والتجاور، والتحاور والتشاور، والتناصح والتذاكر، والبذل والعطاء، والإيثار والإحسان، والعفو والصفح، والإحساس بهم في الأفراح والأتراح، كما قال الشاعر: أخي إن بَسِمت فمن مبْسَمي وإن أنت نُحْتَ فمن أضلعي لغة المتحابين في الله الشعور بالغنى والقوة والحماية والعناية من خلال كلمة "نحن"، وسمتهم رحماء بينهم، أذلة على بعضهم، لا يكاد يعرف قائدهم من جنودهم، يتسابقون إلى المغارم ويقلون عند المغانم، والأشواك في طريق الإخاء تحاسد وتحاقد، وتباغض وتباعد، وشقاق ونفاق، وتنافس على عرض زائل، وتسابق إلى منصب زائف، تعلو معها الأنانية، وتزداد الكراهية، حوارهم عتاب، ووجوههم أنياب، وقلوبهم سراب وأفئدتهم هواء، لغتهم "أنا أو الطوفان"، وسمتهم أشبه بغابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويمكر الضعيف بالقوي، يكثرون عند الطمع، ويقلون عند الفزع، الأشواق تدفع صاحبها إلى بذل الفرض قبل الفضل، ويستفرغ غاية وسعه للوصول إلى رضا الحبيب، والأشواك تجعل صاحبها مغلول اليدين، ضعيف الحيلة، خبيث النفس كسلان، الأشواق نعمة، والأشواك نقمة، الأشواق رحمة، والأشواك قسوة، الأشواق ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات، والأشواك تنزل بصاحبها إلى أسفل الدركات، عنوان الأشواق: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) (التوبة:59)، وعنوان الأشواك: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (المؤمنون:37). يا قوم هيِّجوا الأشواق إلى الله ثم إلى رسول الله ثم إلى الصالحين من عباد الله ثم إلى فعل الخير ونفع الغير، وكفكفوا الأشواك التي تُظلم الصدور، وتُقسِّي القلوب، وتُحجّر العقول، وتُغلُّ اليدين، وتعمي العينين أن تبصر الطريق إلى الرفيق الأعلى. يا قوم رددوا معي أنشودة الأشواق إلى رب العباد: تكون معي فيزداد اشتياقي وتنساب السكينة في سكوني فإلى معية دائمة مع الله تعلو فيها الأشواق، لا معية دائبة مع الشيطان تتقاصفنا فيها الأشواك! واشوقاه للقاء ربي، واشوكاه مما ألقى في طريقي ودربي، واشوقاه إلى صحبة نبيي، واشوكاه من آلام ذنبي، واشوقاه إلى خلوة أناجي فيها ربي، وجولة مع أحبابي في دربي إلى مرضاة ربي.