28.25°القدس
27.68°رام الله
29.42°الخليل
31.81°غزة
28.25° القدس
رام الله27.68°
الخليل29.42°
غزة31.81°
الإثنين 29 يوليو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

خبر: انتصارات كاذبة

أستاذ التاريخ في المرحلة الإعدادية كان أقرعاً، وطويلاً جداً، طوله يتجاوز المترين، يلبس في رجله حذاء يشبه "السكاربينا" بدون "ربَّاط"، وكان ينصحنا دائماً باقتناء مثل حذائه معلِّقَاً: (هذا سهل اللَّبس والقَلْعْ).... هو يَعشق الحِصَصَ الأخيرة، لأن طريقته في شرح الدرس مليئة بالقصص، المخلوطة بالحقيقة والخيال، وبعض الأماني والطموحات، ولا تُخْفِي بعضاً من حدة الأيديولوجيا لديه كونه يسارياً سابقاً، وعلمانياً حالياً. ولأننا ندرس المنهج المصري، كان كتاب التَّاريخ يَعُّجْ بالغبار، كلما فَتَحَهُ زميلي يرْتبك ويقول: (هذا مليء بالأرواح الشريرة... حتشبسوت، وتحتمس الثاني، وأحموس، ونفرتي رع، وخفرع ومنقرع....). كانت انتفاضة الأقصى قائمة، والشهداء يتساقطون، ونحن ندرس الفراعنة منذ 1500 عام قبل الميلاد، وكانت تلك فرصة سانحة يحدُّثنا فيها أستاذ التاريخ عن بطولاتنا، فقد جمَّل كل هزائِمنا، وتحدث عن فتوحات وانتصارات، وبطولاتٌ تَتْلُوهَا بطولات، فقد انتصرنا في أيلول، وفَتَحْنَا لبنان، وحررنا طرابلس، وأنشأنا دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف... ولأن طالب المرحلة الإعدادية يستقبل كل المؤثرات الخارجية ويعشق القصص والحواديث، فقد كان يصدِّق الأستاذ. أحمد الله تعالى أن الأستاذ تقاعد قبل أن يُكْمِل العَام، فقد كانت وتيرة الانتصارات والفتوحات التي يحدثها لنا تزداد يوماً بعد يوم، وخشيت أن يصل بقصصه وانتصاراته تلك لتحرير فلسطين ونحن ما نزال في المخيَّم قابعين، للضرائب دافعين، وللاحتلال مجاوريين. بعدها قُمتُ بمراجعة تاريخنا، وجدته مليئاً بالمغالطات التي تحدث بها الأستاذ، والهزائم والنكسات، والفساد في القيادة والمؤسسات، وأيقنت أننا لن نتحرر إلا إذا قرأنا تاريخنا جيداً وتعلمنا من أخطائه.