منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن يسمع المواطن الفلسطيني بمصطلح “الفصائل الفلسطينية”، وهذا المصطلح عادةً ما يزداد إطلاقه وترديده وقت الأزمات المتوالية التي تعصف بالقضية الفلسطينية منذ العام 1901م وبداية تنفيذ الأطماع الغربية في الأرض التي “تفيض لبناً وعسلاً”، المميز في هذه الفصائل أن أعدادها كبيرة ولا يعلم بأسماء غالبيتها وليس أفعالها المواطن العادي، والسؤال: ما دام المواطن لا يسمع ولا يدري عن فصيل سياسي فكيف ينجح هذا الفصيل أو الفسيل في البقاء على قيد الحياة؟.1 إن هذا السؤال استغرقني كثيراً وأنا أبحث عن إجابة له، لكنني أتركها لفهم القارئ بعد الانتهاء من قراءة هذه الكلمات التي قمت بكتابتها، والتي بالمناسبة لن يفلح في قراءتها العديد من قادة الأحزاب والفصائل الفلسطينية؛ لأن العديد منهم باختصار لا يعلم القراءة والكتابة، ولذلك فقضيتنا في حالة تيه منذ عقود من الزمن ولم تصل إلى جادة الصواب. وبشيء من التمحيص نُلقي نظرة على الفصائل الفلسطينية حتى يتعرف المواطن الفلسطيني الذي يجهل العديد من أسمائها. حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”: هي حركة فلسطينية بدأت بالطلقة الأولى وانتهت في أحضان الاحتلال الصهيوني، تتفاخر بممارسة التعاون الأمني معه كما تفخر بملاحقتها وبصحبته للمقاومة الفلسطينية ورجالها. حركة المقاومة الإسلامية “حماس”: هي حركة تتبنى الفكر الإسلامي منهجا لها، وتمتلك جناحاً عسكرياً ضارباً للاحتلال، وقد قدمت العديد من رموزها شهداء لرفضها التنازل عن الثوابت الفلسطينية بما فيها مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل وفي مقدمتها السلاح والبندقية. حركة الجهاد الإسلامي: حركة فلسطينية تتبنى الفكر الإسلامي منهجا لها، ولها جناح عسكري، وهي قريبة من توجهات حركة “حماس” غير أن نسبتها في المجتمع الفلسطيني لم تتخطَ الـ 5% في أفضل الأوقات، وربما السبب في ذلك أنها تحاول أن تقف في منتصف الطريق خلال معالجتها للقضايا الفلسطينية المختلفة وبخاصة بين حركتي فتح وحماس، وبذلك تبدو في المستطيل الرمادي، وترفض إظهار أي طرف فلسطيني يمارس دوراً واضحاً في تدمير القضية الفلسطينية. حركة المقاومة الشعبية: حركة فلسطينية تتبنى الفكر الإسلامي في عملها ولها جناح عسكري، وهي حديثة النشأة في المجتمع الفلسطيني. حركة الأحرار الفلسطينية: هي حركة حديثة النشأة ولها جناح عسكري وقد كانت بدايتها من خلال انشاق عن حركة “فتح”. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: هي حركة يسارية فلسطينية شهدت نشاطاً وتأثيراً خلال فترة السبعينات والثمانيات، لكنها تراجعت في الوقت الحالي بشكل كبير جداً، ولها جناح عسكري لكن أفعاله لا تكاد توجد في الميدان مقارنة بالآخرين. الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: وهي حركة يسارية فلسطينية شهدت نشاطاً في أزمنة ماضية لكنها تكاد تتلاشى هذه الأيام، ولها جناح عسكري لكن أفعاله لا تكاد توجد في الميدان مقارنة بالآخرين. الأحزاب السابقة هي ربما الأحزاب التي يعلم بأسمائها المواطن الفلسطيني، لكنها لا تمثل كل الأحزاب الفلسطينية وفقاً لأجندة التعامل والعمل السياسي الفلسطيني الذي بنفاقه مع من يُسمي نفسه “حزباً” ساهم في استمرار التيه الذي تعانيه القضية الفلسطينية، ومن هذه الأحزاب التي تجلس على طاولات الحوار بالإضافة للأحزاب آنفة الذكر لمناقشة أياً من القضايا الفلسطينية: جبهة النضال الشعبي، حزب الشعب الفلسطيني، حزب فدا، الجبهة العربية الفلسطينية، جبهة التحرير العربية، المبادرة الوطنية الفلسطينية، الجبهة الشعبية- القيادة العامة، حزب الصاعقة. ربما سائل يسألني من هذه الأحزاب؟ ومن أين أتيت بها؟، لكني سأكتفي بموقف لأحد أمنائها لنعرف الجهة التي تسير بها تلك الأحزاب بـ” فلسطين” الوطن والقضية، فقبل أعوام قام العدو الصهيوني بتصعيد سريع ضد قطاع غزة وارتقى خلاله عدد من الشهداء، فتداعت الفصائل للاجتماع، توجهنا لتغطية الحدث إعلامياً وفي الأسنسير كنا ثلاثة صحفيين وذلك “القائد” الذي بدا مشغولا في التفكير بالرد على جرائم الاحتلال، فقطع صمتنا وقال: إن الحل للقضية الفلسطينية وهزيمة الاحتلال أسهل مما نتخيل، فما كان مني إلا أن قلت له: وكيف؟، فأجاب: من خلال تصعيد المقاومة الشعبية، فما كان من أحد الصحفيين إلا أطلق “شخرة” هزت المكان، فأحرج ذلك القائد الذي قلت له: إذاً فاجمعوا كل قطع “المحارم” واقطفوا الأزهار وألقوا بها على طائرات “إسرائيل” وبذلك تدمروها!!. نقولها للتاريخ: إن فصيلاً يواصل إطلاق التصريحات بعيداً عن الخطوات الفعلية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ويواصل الصمت على مأساة إغلاق معبر رفح خشية منعه من الترويح عن نفسه في منتجعات شرم الشيخ، ويصم آذانه حينما يرى خيانة السلطة الفلسطينية خشية على راتبه الشهري، آن الأوان أن نلفظه ولا نٌقيم له وزناً، ولو كنت مسئولاً في هذه البلد لأخرست كل صاحب لسان بلا أفعال ويعتبر نفسه “قائداً لهذا الشعب” ولو كلفني ذلك ما كلفني. إن حركة “حماس” تتحمل المسئولية في إبقاء هذه الفسائل على قيد الحياة من خلال إعطائهم قيمة ودعوتهم لمناقشة هموم الوطن، فهي تُضيع الأوقات الثمينة في حوار “طرشان” أقصد غالبية الفصائل ولن تصل إلى حل أو موقف موحد معهم، وهي الحركة المؤتمنة على الشعب والقضية وتدرك بأنهم في أي انتخابات لو شاركوا فيها فلن تنتخبهم زوجاتهم وأبنائهم، فكيف سيعلم بهم الشعب؟، كفي يا “حماس” تكبيراً للصغار الذين يبيعون فلسطين لأجل راتب شهري أو سفرية عبر معبر.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.