25.52°القدس
24.43°رام الله
25.1°الخليل
26.88°غزة
25.52° القدس
رام الله24.43°
الخليل25.1°
غزة26.88°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: "عيون الحرامية".. في الذاكرة بعد 13 عاماً

تصادف الذكرى الثالثة عشر لعملية "عيون الحرامية"، أول أمس الأربعاء، والتي تعد من أشهر العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث قتل فيها 11 جندياً ومستوطنًا إسرائيلياً وجرح 9 آخرون بـ 26 رصاصة فقط. وكانت المفاجأة في تلك العملية بأن منفذها لم يستشهد ولم يعتقل، ما فتح الباب علي مصراعيه لرسم القصص والحكايا سواء من الفلسطينيين أو الاحتلال فيما قدرت المصادر الفلسطينية والاسرائيلية أن منفذ تلك العملية طاعن في السن وربما شارك في الحرب العالمية الثانية كونه يمتلك تلك البندقية القديمة والدقة في التصويب. وأشارت مخابرات الاحتلال وقتها إلى أن منفذ تلك العملية ربما قناص من الشيشان استطاع الوصول إلى الأراضي الفلسطينية لمحاربة الاحتلال وغير ذلك من التقديرات والتكهنات. وبعد 30 شهراً من تنفيذ العملية أعلنت سلطات الاحتلال عن اعتقال منفذ عملية واد الحرامية الشاب "ثائر حماد" من منزله في بلدة سلواد شمال رام الله، وزج به في سجون الاحتلال وحكم عليه بالسجن المؤبد 11 مرة. و من زنازين الاحتلال يروى ثائر تفاصيل العملية لاثنين من أشقائه الذين جمعهم السجن في زنزانة واحدة، وبعدها تسربت تفاصيل تلك العملية النوعية التي اعتبرها الاحتلال أخطر عملية تنفذها المقاومة أثناء انتفاضة الأقصى. [title]التفاصيل المشوقة[/title] في صباح يوم الاثنين الثالث من آذار مارس 2002، أدى ثائر صلاة الفجر، وارتدى بزة عسكرية لم يسبق وشوهد يرتديها. تفقد ثائر أمشاط الرصاص وحمل بندقية الـ M1 الأمريكية قديمة من زمن الحرب العالمية الثانية وتفقد ذخيرته المكونة من 70 رصاصة خاصة بهذا الطراز من البنادق قبل أن يمتطي صهوة جواده وينطلق به إلى جبل الباطن إلى الغرب من بلدة سلواد شمال رام الله في مسالك جبلية وعرة. ووصل البطل إلى المكان الذي سبق له وعاينه، فترجل عن جواده وتركه يمضي، حيث أراد كونه كان متأكداً من شهادته في تلك العملية، ولكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن كما قال. وفي أسفل الجبل الذي تمركز فيه ثائر عند الساعة الرابعة فجراً كان حاجز لجنود الاحتلال يسمي حاجز "عيون الحرامية" نسبة للمنطقة ووعورتها، وركز ثائر البندقية من جذع زيتونة وتفقد جاهزيتها لآخر مرة وأطمأن أن المخازن الثلاثة ذات سعة الثماني رصاصات محشوة بها وتفحص باقي الرصاصات واخذ يراقب ويستعد بانتظار ساعة الصفر التي حددها لنفسه. أمضى ثائر نحو ساعتين يراقب ويخطط بعناية طول المسافة التي تبعده عن هدفه بين 120 ـ 150 مترا هوائيا إلى الشرق منه ومع إشارة عقارب ساعة يده إلى السادسة صباحا وأشرقت الشمس وبات كل شيء واضحا أطلق رصاصته الأولى على جنود ذلك الحاجز الذي كان يذيق أبناء المنطقة ألوان الإذلال والقهر. وحسب رواية ثائر كان هناك ثلاثة جنود يحرسون الحاجز فسدد على الأول فاستقرت في جبهته، فعاجل الثاني برصاصة استقرت في القلب قبل أن يكبر ويطلق رصاصته الثالثة لتردي الجندي الثالث قتيلا. على صوت الرصاص خرج جنديان آخران من غرفة الحاجز مذعورين يحاولان استطلاع الأمر، فلم يجد ثائر صعوبة في إلحاقهما بمن سبقهما. ومن داخل الغرفة ذاتها رأى القناص الفلسطيني، سادساً يصرخ مثل مجنون أصابه هوس المفاجأة كان ينادي بالعربية والعبرية أن انصرفوا وهو يدور في الداخل كان سلاحه بيده ولم يطلق في تلك اللحظة الرصاص، لاح لثائر رأسه من النافذة الصغيرة فأطلق عليه رصاصة وانقطع الصوت وساد سكون الموت منطقة الحاجز برهة. ويضيف، "أعتقد أنني عالجت أمر الوردية بست رصاصات، وفجأة وصلت إلى المكان سيارة مدنية ترجل منها مستوطنان اثنان، صوب الأول سلاحه وقبل أن يتمكن من الضغط على الزناد كان تلقى رصاصة وسقط صاحبه إلى جواره مع ضغط الزناد التالي". وحسب ثائر مضت دقيقتان قبل أن تصل سيارة جيب عسكرية لتبديل الجنود، وما أن اتضح للضابط ومجموعته الأمر حتى ترجلوا وتفرقوا واخذوا يطلقون الرصاص على غير هدى في كل اتجاه. [title]موقع استراتيجي[/title] ويقول ثائر إن "موقع الحاجز في أسفل الجبل مكنه بشكل جيد من تحديد أهدافه، فعالج أمر هؤلاء الجنود بالتزامن مع وصول سيارة أخرى للمستوطنين وشاحنة عربية أجبر سائقها على الترجل، إلا أن ثائر تمكن من إصابة المستوطنين الذي بجانبه من دون أن يمسه هو بأذى". ويتذكر ثائر كيف وصلت مركبة مدنية لاحظ أن بداخلها امرأة مع أطفالها ويقول كانت في نطاق الهدف، ولكنني امتنعت عن التصويب باتجاهها بل صرخت فيها بالعربية والعبرية أن "انصرفي خذي أطفالك وعودي".. ويذكر أنه لوح لها أيضاَ بيده طالبا منها الابتعاد، وبعد ذلك انفجرت بندقيته (التي لا تحتمل اطلاق الرصاص منها بشكل سريع لقدمها) وتناثرت في المكان ما أجبره على إنهاء المعركة بطريقة مغايرة لما خطط لها. وحينها كان ثائر قد أطلق بين 24 و26 رصاصة فقط من عتاده المكون من 70 رصاصة يعتقد أنها جميعا استقرت في أجساد هدفه حيث قتل 11 جنديا ومستوطنا وأصاب تسعة آخرين. [title]انسحاب هادئ[/title] وبعد انفجار بندقيته قرر ثائر الانسحاب صعوداً في طريق العودة إلى المنزل، في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً عندما وصل إلي بيته وأسرع لأخذ حمام ساخن وخلد إلى الفراش فأخذ قسطاً من النوم قبل أن يوقظه صوت شقيقه يحثه على الإسراع لتحضير جنازة قريب لهما توفي. وترافقا في العمل في القيام بواجب العزاء، كل شيء كان طبيعياً ولم يبد علي ثائر أية مظاهر غير معروفة عنه حتى عندما بدأت الأنباء عن العملية تتردد في القرية مع ما رافقها من إشاعات عن أن رجلاً مسناً هو القناص الفذ الذي نفذ العملية التي يؤكد ثائر أن أحداً لم يساعده في تنفيذها أو يعلم بسرها، لكن مصادر تشير أنه أشرك أحد أشقائه الخمسة في سره. ومع اتضاح حجم العملية فرضت قوات الاحتلال طوقا حول بلدة سلواد المجاورة للحاجز ونفذت حملة تمشيط بحثاً عن المنفذين المحتملين وأُعتقل ثائر وأفرج عنه بعد 3 أيام بعد أن رسمت مخابرات الاحتلال صورة لمنفذ العملية بأنه رجل كبير في السن، الأمر الذي عززه كذلك وجود لفافات من التبغ العربي الذي يدخنه كبار السن عادة بعد إعداده بأيديهم عثروا عليه في المكان الذي أطلقت النار منه على الحاجز. [title]افراج بعد اعتقال[/title] وعزز الإفراج عن ثائر في المرة الأولى الثقة بنفسه بأنه في مأمن ولا شكوك حوله وأخذ يردد في كل مجلس يرتاده حكاية القناص العجوز الذي نفذ العملية، الذي كان يقول أنه ربما انتقل إلى جوار ربه ولن يقع في يد الاحتلال. ومضى نحو 30 شهرا علي العملية عندما تسلمت العائلة أمراً من المخابرات يطالب ثائر بمراجعتها، ولكنه لم يراجع كان ذلك قبل أسبوع من مداهمة منزله واعتقاله فجر يوم 2/10/2004 . يومها بدا ثائر واثقاً من نفسه وطمأن والدته والعائلة بأنه سيخرج بعد أيام قليلة لأنه لم يفعل شيئا يوجب اعتقاله ولا شيء ضده. ولم يطل المقام عندما نشرت صحف اسرائيلية صبيحة 6/10/2004 نبأ إلقاء القبض على قناص "وادي عيون" الحرامية وانه ثائر حماد. وترافق اعتقال ثائر مع اعتقال ثلاثة من أشقائه هم نضال وأكرم وعبد القادر الذي اعتقل قبله بعشرة أيام، فيما ترافق اعتقال الآخرين مع الكشف عن العملية.