غزة المحاصرة المنهكة بعد الحرب تعاني من تراكم الإهمال وصناعة الأزمات التي يقف خلفها العديد من الأطراف، ويدفع المواطن ثمن تجاذبات على مستويات مختلفة، الأمر الذي أصبح لا يقف عند جزء دون الآخر بل عند الجميع ويطال كافة المستويات وينخر في النخاع المجتمعي. الاحتلال هو المتسبب الأساسي لكل مشكلات غزة ، وانضم إليه خلال السنوات الأخيرة رئيس السلطة محمود عباس بعدما حدث في حزيران 2007، ويعاقبها منذ ذلك حتى اليوم ولا يستثني منها أحداً، في دائرة من العداء والفجور الذي لم يحدث سابقاً في الخلافات الداخلية. الفصائل ذاتها تعاني من أزمات حقيقية بمستويات مختلفة من بينها التبعية لبرنامج ومشروع السلطة، ولا تجاهر في موقفها الجمعي العلني من تحميل السلطة المسؤولية عن ما يحدث من حصار وإهمال وتهرب من المسؤوليات، والاستثناء هنا فردي لبعض قادة الفصائل لإدراكهم أن سبب الأزمة ليست فتح كحزب، بل إن الأزمة ترتبط بمنهج السلطة التي تغولت على حركة فتح قبل الفصائل الأخرى. المواطن في غزة يعيش تراجيديا يومية في كافة مرافق الحياة بين مشكلات المعابر والرواتب والكهرباء وإعاقة الإعمار وتفشي البطالة وغيرها من أوجه المعاناة التي يعيشها ويكابد من أجل معالجتها بعد أن عجزت الحكومة عن القيام بدورها. لعل آخرها التراجيديا التي أثارت المواطنين ممثلة في قرار الجهات المعنية في غزة بالتخلص من "التيس الحلوب" الذي ظهر في غزة وحاول المواطنون الاستفادة منه لمعالجة بعض الأمراض التي يعانون منها. "التيس الحلوب" الذي حكمت عليه الجهات المعنية بالإعدام خشية الفتنة، دعا المواطنين للتساؤل عن خلفية هذا القرار، وهي ترى أن هناك ما هو أسوأ من التيس الحلوب يستحق الإعدام وإنهاء دوره والتخلص منه. هنا توجه التهمة إلى "التيس المستعار" الذي جيء به من قبل الرئاسة ويساهم في حصار غزة ويتهرب من المسؤولية والمقصود هنا حكومة الحمد الله التي تعمل تحت اسم حكومة التوافق الوطني، وحينها يتحقق مطلب المواطن بالتخلص من "التيس المستعار بدلاً من التيس الحلوب".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.