كانت (النكسة) في الخامس من يونيو عام ١٩٦٧م، لست أدري لماذا سمى العرب هزيمة ١٩٤٨م بالنكبة، وهزيمة ١٩٦٧م بالنكسة، رغم التشابه الكبير بين الهزيمتين. ففي الهزيمة الأولى للعرب احتل اليهود ٧٨٪ من أرض فلسطين، وطردوا سكانها الأصليين، وأقاموا دولة (إسرائيل). وفي الهزيمة الثانية عام ١٩٦٧م أكمل اليهود احتلال البقية الباقية من فلسطين، إضافة لاحتلال سيناء، وهضبة الجولان، وطردت إسرائيل (٣٠٠٠٠٠) فلسطيني من القدس والضفة وغزة إلى خارج فلسطين، وما زالت دولة العدوان تحتل القدس والضفة وغزة. إن التشابه الكبير في الهزيمتين، وفي مخرجاتهما، يقتضي توحيد المصطلح، ومسمى النكبة أولى في الجمع بين الهزيمتين، والعنونة لهما، لقد نكب الشعب الفلسطيني نكبة( تأسيسية) في عام ١٩٤٨م، ونكب نكبة (تكميلية) هي أنكى وأقسى من الأولى في عام 1967م، وما زالت مخرجات النكبتين تتوالدان القتل والتهجير والحصار والمعاناة والألم والقلق المصيري. ربما قالوا عن الثانية نكسة لأنهم تفاءلوا بالعافية العاجلة، ولكن مرت عليهم في المرض والنكسة الآن (٤٨) سنة عجاف، دون أن يتعافى منها عربي أو فلسطيني، وما زالت إسرائيل تملك القرار الأول والأخير في الأرض التي احتلتها في ذلك العام بما فيها الجولان وسيناء وغزة، إضافة للقدس والضفة. ستة أيام هي المدة الزمنية التي احتاجتها قوات العدو الصهيوني لاحتلال القدس، والضفة، وغزة، وسيناء، والجولان، وقتلت من العرب ما يزيد على (٢٠٠٠٠)، ودمرت ٨٠٪ من العتاد الحربي لمصر وسوريا، وفقد العدو (٨٠٠) جندي فقط، و٢٪ من عتاده العسكري. لقد مهد احتلال الأرض الفلسطينية والعربية إلى احتلال القرار العربي والفلسطيني، فبعد خروج قوات العدو من سيناء باتفاقية كامب ديفيد، ثم خروجها من غزة بما عرف بإعادة الانتشار، بقي قرار القاهرة محتلا كما الأرض السورية محتلة، وبقي قرار السلطة الفلسطينية محتلا كما القدس محتلة. ومن ثم لا تجرؤ القاهرة، ولا رام الله، ولا غيرهما من العواصم العربية على تبني المقاومة خيارا لاستعادة الأرض المغتصبة، ولا تستطيع الإفصاح العملي عن تأييدها للمقاومة الفلسطينية. العواصم العربية محتلة منذ النكبة الثانية على أقل تقدير، وهي ما زالت محتلة، وقد دخلت فعليا في النكبة الثالثة، نكبة التمزق الداخلي وإعادة تقسيم المقسم، ونسيان فلسطين ونكبتيها، وليس أمامهم إلا عدّ السنين التي مضت على نكبة ١٩٦٧م، دون النظر العملي في دلالات مرور (٤٨) عاما على النكبة الثانية، وما يوجبه هذا الزمن الطويل تحت بسطار الاحتلال. في عام ١٩٤٨م احتل العدو الصهيوني فلسطين بما فيها القدس الغربية، وفي عام ١٩٦٧م احتل القاهرة ودمشق باحتلال القرار فيهما، وهو الآن يحتل القدس كاملة، ويتواجد بصيغ احتلالية حديثة في جل عواصم العرب، وطائراته وصواريخه تهدد بالتدمير والهدم حاضر العرب ومستقبلهم، فهو يتقدم يوميا نحو أهدافه الكبيرة في بناء النكبة الثالثة، بينما يتراجع العرب يوميا عن أهداف وجودهم كأمة عربية واحدة، بعد أن نسوا النكبتين، وأخذوا يواجهون الثالثة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.