فسرت دراسة إسرائيلية جديدة، تجدد الحوار بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية التي تقودها فتح بأنها الطريقة لدفع تحقيق تفاهم أو كفرصة لمواصلة عزل وإضعاف حماس على حد سواء .
وحسب الدراسة الصادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة "تل أبيب"؛ إن السياسة الجامعة للقيود الاقتصادية والعزل السياسي لم يُخضع حماس، وبنفس القدر لم يساعد فيه التنصل من قطاع غزة في إحداث تقدم باتجاه الاتفاق السياسي بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
وأوضحت أن انفصال الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ إلى ثلاثة صراعات في العقدين الأخيرين: بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية وحماس.
ووفقا للدراسة، فإن محاولات الماضي للتنصل من حماس وغزة من أجل انطلاق عملية التسوية، لم تقرب من أي اتفاق للسلام، حيث ركزت "إسرائيل" جهودها لإضعاف حماس وعزل حكومتها في غزة.
بكلمات أخرى، قالت الدراسة إنّ التنصل من المشكلة لم يحلها وإنما فاقمها، واليوم مثل الأمس؛ حماس وقطاع غزة بقيا مكونيْن أساسييْن في الساحة الفلسطينية والتعاطي معهما ضروري لأي مسعى باتجاه عملية سياسية .
وفي نهاية الأمر فالربط الاقتصادي بين غزّة والضفّة، سيقوم بدور حاسم في قدرة الدولة الفلسطينية على الوجود والبقاء، وإلى حين ذلك فعلى الأسلوب الدوليّ تجاه قطاع غزة أنْ يتركز على ثلاثة مستويات: مال أكثر، ووصول أكثر، واستيعاب أكثر.
كما رأت الدراسة أنّه بالنسبة للسلطة الفلسطينية فالضم ليس ضروريًّا، فقط ممكن أنْ نؤسس من جديد تواجدها في قطاع غزة، لكن يجب أيضًا الدفع باتجاه هدف الاستقلال الفلسطيني.
وقالت الدراسة، إن التنصل من حماس، وهي الجهة السياسية المسيطرة في غزة، تنصل من أنّ فرض اتفاق سياسي لا تكون حماس مستعدة لقبوله، ولو بشكل غير علني، سيُصعّب على فتح تجاوزه حتى في الضفة الغربية، ناهيك عن غزة نفسها، يفترض فعلًا أنْ تؤسس حماس آمالها على الكفاح المسلح .
كما أكّدت الدراسة الإسرائيلية أنّه حان الوقت لوقف إطلاق النار المتواصل بين "إسرائيل" وحماس، منذ انتهاء الجولة السابقة، كما قالت الدراسة إنه يجب إبقاء الدمج السياسي المتجدد بين غزة والضفة الغربية على رأس سلم الأولويات كوسيلة لإعادة العملية السياسية إلى مسلكها، وكذلك من الضروري أنْ نُقدّم فورًا تنسيقًا مؤسسيًّا بين السلطة وحماس، إذ إن الحكومات المانحة الأساسية تضع فعلًا وبحق مشاركة السلطة في ورشة الإعمار كشرط مسبق لذلك.
وأضافت إن المال المطلوب والموعود به سيحرّك المشروع بكل عنفوانه، لذلك يجب المثابرة على الالتزام للسلطة الفلسطينية كشريك في العملية السياسية، من خلال دعم اقتصادي حقيقي ومستمر وأمور أخرى، إلى جانب مراقبة حثيثة للتنسيق الحقيقي بين السلطة وحماس؛ بل قد يتطور الأمر إلى مجهود مصالحة آخر بين الطرفين المتخاصمين وبلورة قواعد لعب جديدة، وكذلك موازين قوى مؤسسية بينهما.
وأوضحت الدراسة، أنه بالنسبة لحماس فمبادرة سياسية تثبت للتنظيم أنّ مشروع الإعمار ليس الهدف منه بأيّ حال من الأحوال التخفيف عن تواجده العسكريّ في القطاع، بيد أنّ نزع سلاح حماس هو هدف ليس واقعيًّا في الظروف الحالية، وكذلك كبح مجهود تسلح التنظيم سيكون عصيًّا على التحقق أو التنفيذ، بينما جوهر الانطلاق في طريق الإعمار الشامل للقطاع يجب أنْ يُوحي لحماس أنّ عليها القيام بتنازلات كثيرة في المقابل، سواء تجاه السلطة أو تجاه "إسرائيل"، إذا كانت معنية فعلًا بعدم الوقوع في مخاطر أخرى على حكمها في القطاع.
وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه على أيّ حال، يجب أنْ تنظر "إسرائيل" إلى تغيير سياسة عزل غزة وحماس غير الواقعية ومجدية ، مع تركيز الاهتمام على غزة أولًا، ليس فقط كخطوة هدفها إحباط التدهور إلى جولة عنف جديدة في المستقبل القريب، وإنما أيضًا عملية محتواها تمهيد الطريق أمام تجدد حوار بنّاء بين "إسرائيل" والفلسطينيين، بحسب تعبيرها.