الانقسام الداخلي فيروس يشلّ أي بلد، عندما يبتلى به، ويفقده مناعته، ويضعفه بحيث يجعله غير قادر على مقاومة ما يتهدده، وقد يؤدي إلى فقدانه وحدته وكذلك سيادته واستقلاله، إن تمادى طرفاه أو أطرافه في تغذيته ومدّه بعوامل تزيد الفرقة والتشرذم والتدخلات من غير جهة . في الوطن العربي حالات وحالات من هذه البلوى، وفي لبنان صار الانقسام هو الأساس، ويكاد يكون من عمر الاستقلال، أي أكثر من ستة عقود من الزمن، ولم يستفد اللبنانيون من التجارب وما أنتجته الانقسامات من حروب وتدخلات واجتياحات واعتداءات “إسرائيلية” كادت تودي بالبلد كله . نزاعات المحاصصات الداخلية في لبنان، وهي نزاعات تتدرج من السياسي إلى الطائفي إلى المذهبي، يتعذر ضبطها أو تحجيمها، لأن النظام مهما أخذ أشكالاً ديمقراطية، يبقى نظاماً طائفياً أو طوائفياً، تقتسم فيه الكعكة، من المستويات العليا إلى أدناها، وتلك هي الحال قبل اتفاق الطائف وبعده، وكل شيء يمكن بحثه إلا قضية الطائفية السياسية على الرغم من أن أحد بنود اتفاق الطائف ينص على العمل لإلغائها . إذا كانت هذه القضايا المزمنة صارت الخلافات حولها نوعاً من الإدمان، فما الذي يمنع أن تتم تنحيتها جانباً عندما يكون هناك خطر يتهدد اللبنانيين جميعاً، ولا يقتصر على جهة أو فريق أو طائفة أو مذهب، والخطر هو ذلك الآتي من الكيان الصهيوني الذي ينتهك السيادة كل يوم، ويعتبر أن الأجواء مستباحة له ولا يغيب طيرانه يوماً عنها؟ الآن جاء دور ثروات لبنان التي يطمع بها الصهاينة منذ زمن بعيد . الثروة المائية تقع في دائرة الأطماع، وبرز أخيراً موضوع الثروة في باطن الأرض، وتحديداً في المياه الإقليمية اللبنانية وكميات الغاز الكبرى، والتي يمكن أن تنقل لبنان إلى وضع يحرره من الديون والعجز بالمليارات، عشرات المليارات، ويمكّنه من الانطلاق في تنمية تنهي مناطق البؤس وأحزمة البؤس التي تعيش تحت خط الفقر . هذه الثروة يريد لصوص الكيان الصهيوني السطو عليها، كما سطوا على فلسطين وثرواتها ومقدساتها . وهي قضية يجب ألا يحول دون الاتحاد في مواجهتها أي خلاف وأي نزاع، لأن التصدي لها، وحماية ثروات لبنان، وتمكين اللبنانيين من الاستفادة منها يجب ألا يتقدم عليها أي شأن آخر، فهذه من شأنها الإسهام في صناعة مستقبل أفضل للبنان كله واللبنانيين كلهم . تنحية الخلافات في هذه القضية واجب، والصهاينة لن ينتظروا، بل هم يعدّون العدّة لسرقة ثروات اللبنانيين على مرأى منهم، وفي غفلة منهم أيضاً .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.