28.34°القدس
28.1°رام الله
27.19°الخليل
30.56°غزة
28.34° القدس
رام الله28.1°
الخليل27.19°
غزة30.56°
الثلاثاء 15 يوليو 2025
4.51جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.92يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.51
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.92
دولار أمريكي3.36

بقرار أمني..

خبر: مساجد الضفة تشكو غياب الأئمة والخطاب رغم توفر خريجي الشريعة

منذ خمسة أعوام والشيخ ماجد حسنين يؤم المصلين في مسجد قريتهم حسبة لوجه الله تعالى، بعد أن فشلت جهودهم في إقناع وزارة الاوقاف بتعيين إماما وخطيبا للمسجد الذي يعد أحد أكبر مساجد قرى رام الله.

يقول حسنين لـ"فلسطين الآن" "بعد وفاة الإمام في مسجد "سردا" قرب رام الله حيث أقيم توقعنا أن تبادر الأوقاف إلى سد الفراغ الناشئ من خلال تعيين موظفا بديلا يكون إماما وخطيبا يوم الجمعة، خاصة أن القرية والقرى المجاورة لنا تكتظ بخريجي الشريعة الأكفاء،  وأصحاب الصوت الندي والمرتل، مرت أشهر طويلة دون إمام، وكان بعض المصلين يتبرع مشكورا خلال الصلوات المختلفة، وكثيرا من الجمع كان يترجل أحدنا ليخطب بالناس".

ويتابع "كوني من حفظة كتاب الله، والحمد لله أنني ملتزم بالصلوات الخمس وبيتي قريب من المسجد أصبحت أؤم المواطنين، وأصعد المنبر، حسبة لله تعالى، بانتظار الوعود بتثبيت إمام".

وحسب المعلومات التي حصل عليها مراسل "فلسطين الآن" من مصدر مطلع داخل وزارة الاوقاف، يوجد في الضفة الغربية نحو ألف مسجد يحتاج إما إلى إمام أو خطيب أو قيّم، أو ثلاثتهم معا، ما يُسبب إرباكاً مع دخول وقت الصلاة، ويُخلُّ بإتمام شعائرها. في حين تدعي الوزارة أن السبب في ذلك عدم وجود اعتمادات مالية من وزارة المالية لسد الشواغر.

القرار بيد الأمن

المصدر قال إن صاحب القرار الأول والأخير بقبول الموظفين في وزارة الأوقاف كما هو الحال في بقية الوظائف الحكومية هي الأجهزة الأمنية وتحديدا دائرة أمن المؤسسات في جهازي الأمن الوقائي والمخابرات.

وتابع: "تحديدا في المساجد تبدو الصورة أشد قتامة، حيث يتشدد الأمن في قبول اي توظيف لأسباب عدة، أبرزها وجود خطة لم تعد تخفى على أحد بمحاربة المساجد وبيوت الله، ومحاولة التأثير على الوعي الديني للمواطنين، وإشغالهم بالأمور التافهة والترفيهية على حساب العبادات، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال تشجيع الحفلات الغنائية والسماح بالمهرجانات، في وقت تحاصر دورات تحفيظ القران ويعتقل الخطباء والأئمة.

وأضاف "السبب الأهم أن معظم من يتقدم لاشغال تلك الوظائف من المتدينيين عموما، ومن المحسوبين على التيارات الدينية المختلفة، أبرزها شباب حماس، ما يعطي فرصة على طبق من ذهب لتلك الأجهزة الأمنية في عدم قبول ذلك، لا سيما مع اشتداد حملات الملاحقة والاعتقال للحركة وكوادرها".

نقص شديد

ولا زال المواطنون في مسجد الفاروق في قرية كفر جمال جنوب طولكرم، يفتقرون لمن يؤمهم في الصلاة أو من يلقي عليهم خطبة الجمعة. إذ يحتاج المسجد إلى وظيفة خطيب وإمام، وكذلك إلى مؤذن وخادم للمسجد شأنه في ذلك شأن 6 مساجد أخرى في منطقة الكفريات بمحافظة طولكرم.

كما تحتاج مديرية الأوقاف في طوباس لأكثر من 14 شاغرا وظيفيا في المساجد المنتشرة في المحافظة، تقدم في فترة من الفترات السابقة 7 شبان، لم يتم قبول سوى شخص واحد، حصل على الوظيفة ليس بتحصيله العلمي العالي، لكن برضى المخابرات والوقائي عنه.

الوضع في طوباس وطولكرم هو صورة حقيقية لحال مساجد الضفة بشكل عام، فالرضا الأمني هو ضمان لقبول الشخص في الوظيفة من عدمه.

ويبلغ عدد مساجد محافظة طوباس 58 مسجدا، في حين عدد الأئمة فيها 18 إمام، وعدد المؤذنين 40 مؤذنا، وهذا ما يعني أن كل مسجد من مساجد المحافظة له تقريبا موظف واحد، وهو ما يعني إهمال كثير من المساجد.

فالحافظ لكتاب الله عبادة أحمد تخرج من كلية الشريعة بجامعة النجاح قبل أربع سنوات، بتقدير ممتاز، تقدم منذ ثلاث سنوات لوظيفة خادم مسجد، إلا أنه في كل مرة لا يتم قبوله في التوظيف، رغم حاجة مساجد البلدة لموظفين، حيث أن بلدة عقابا -حيث يقطن- فيها ثلاث مساجد، وحتى اللحظة ليس فيها إلا موظفين اثنين في كل المساجد مفرغين، في الوقت الذي يحتاج فيه كل مسجد موظفين اثنين".

وأضاف "للأسف الأجهزة الأمنية يبدو هي التي تتحكم في التوظيف بشكل أو بآخر، حيث أن الرفض غير مبرر، والأنكى أن المساجد بحاجة لموظفين وبشكل ملح، وأن معظم الصلوات التي تقام على مدار الأسبوع يقوم بالإمامة متطوعون من الناس، وليسوا موظفين".

وتابع "من خلال تواصلي مع زملائي في مختلف المدن أستطيع القول إن معظم مساجد المحافظات وخاصة في القرى البعيدة والنائية، بدون إمام وبدون مؤذنين، أو تقتصر على وجود موظف واحد يجمع بين الأمرين، على الرغم من وجود عدد كبير من حملة شهادات البكالوريوس في الشريعة، وعدد كبير منهم لديهم قدرة عالية على الخطابة، إلا انهم ممنوعون منها".

بطالة مقنعة

يقول أحد الأئمة المتطوعين لـ"فلسطين الآن" -بعد أن طلب عدم ذكر اسمه خشية الملاحقة الأمنية- إن "التناقض جلي، فمعظم الوزارات تعاني من "بطالة مقنعة"، حيث يمكن تلمس ذلك من خلال جولة بسيطة على مكتب يعود لإحدى المديريات، حيث تجد العشرات بلا عمل، ويتقاضون رواتب بشكل منتظم، كما أن هناك تخمة ملموسة جدا في القطاع الأمني، فآلاف المنتسبين مفرغين ويأخذون رواتب شهرية وهم يجلسون في بيوتهم، في حين هناك عشرات المساجد لا تجد فيها إماما أو خطيبا، بحجة الازمة المالية".

وتابع "وزارة الأوقاف من أكثر الوزارات إن لم تكن الوحيدة في الضفة التي بحاجة لموظفين، ويوجد عدد كبير من خريجين الشريعة ولا وظيفة لهم، وللأسف الشديد هي الوزارة الوحيدة التي يتم فيها قبول المتقدمين للوظيفة على الرغم من عدم حملهم لتخصص الشريعة وهذا خلاف المعمول فيه في سائر الوزارات، حيث يوجد عدد لا بأس به من خريجي الشريعة والأئمة الذين تقاعدوا ولديهم الأستعداد للإمامة بدون راتب إلا أنهم ممنوعون من ذلك".

وختم بقوله إن "لهذا النقص خطراً كبيراً، يتمثل بالاختلاف بين المصلين حول من يؤمهم، وعدم وجود مرجعية دينية لأي سؤال فقهي، أو توجيه ديني، واستغلال المساجد من قبل أي جهة، لِبث الأفكار التي لا تتلاءم مع الشرع الإسلامي".

أم المساجد تعاني

وفي نابلس التي يُطلق عليها "أم المساجد"، إذ تضم أكثر من 240 مسجداً في قلب المدينة، وفي قراها، ومخيماتها، تعاني ثلث تلك المساجد من نقصٍ لشواغرها الأساسية، ألا وهي الإمامة والخطابة، وذلك حسبما يؤكد العديد من الأئمة والخطباء، في حين من المُفترض أن تُضاهي أعداد تلك الشواغر أعداد مساجد المحافظة على أقل تقدير.

ويقول مدير الأوقاف والشؤون الدينية في مدينة نابلس الشيخ سليم الأشقر "بعض المساجد يوجد بها أئمة وخطباء، والبعض الآخر منها يُعاني من نقص وليس خلو، وفي هذه الحالة نُكلف أشخاصاً على الإمامة والخطابة مُقابل إكراميَّةٍ شهريَّةٍ، أكانوا حسب الاختصاص أم لا، ولكنهم شريطة أن ينقلوا الدعوة والرسالة الإسلامية بِحق، مع الأخذ بِكتب تعهد للقيام بِأعمالهم، والتزامهم بالتعليمات والتوجيهات كاملة، وبالتالي فلا يوجد مسجد متروك بلا إمام، أو بلا خطيب كما يدَّعي البعض".

وحسبما يُبين، فلا يمكن إنكار بِوجود نقصٍ واضحٍ في الأئمة والخطباء، ليرتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً بالعجز المالي الذي تُعاني منه السلطة، وأكبر مثال على ذلك عدم استطاعة موظفي أي وزارة ومؤسسة حكومية من قبض رواتبهم في مواعيدها، إضافةً إلى عدم وجود اعتمادات مالية في وزارة المالية، ونتيجة ذلك، فالظرف المالي ينعكس على  وزارة الأوقاف بالنسبة لوظائف المساجد.

ولا يقتصر ذلك النقص على ما سبق فَحسب، بل يُطال إلى النقص في المؤذنين والخدم، ولكن الأمر هُنا يختلف، فَمن الممكن أن تجد منهم مَن هو حاصل على شهادة الثانوية، وآخرين لم تُتاح لهم الفرصة للحصول عليها، وحتى هؤلاء فهم يجتهدون في اختيارهم عندما تتوفر لديهم الاعتمادات المالية الكافية، وإذا توافرت بهم شروط معينة.