أظهرت بيانات نشرها جهاز الضابطة الجمركية، تزايد الكميات التي يتم ضبطها سنويا من منتجات المستوطنات المهربة إلى الأراضي الفلسطينية.
فحسب البيانات تم ضبط ما وزنه حوالي 127 طن في عشرة أشهر من العام الجاري، وحوالي 160 طن خلال العام الماضي، في حين ضبط الجهاز ما وزنه 25 طن خلال سنة 2012 وحوالي 43 طن خلال 2013.
وزيادة الكميات المضبوطة يعني أن القرار بقانون الذي صدر عن الرئيس قبل 5 سنوات بمنع التعامل مع المستوطنات لم يردع التجار عن إقامة علاقات تجارية مع نظرائهم المستوطنين.
كما أن الكمية المضبوطة تشكل نسبة مما ينجح التجار في تهريبه وبيعه في المتاجر، خصوصا في مناطق (ج) التي يصعب على الضابطة الجمركية السيطرة عليها التي تشكل 64% من مساحة أراضي الضفة الغربية.
إلا أن وزارة الاقتصاد، التي نشرت أن قيمة ما تم إتلافه من منتجات المستوطنات المضبوطة بالأسواق الفلسطينية أو في طريقها إليها بلغت 60 مليون شيقل خلال السنوات الخمس الماضية، اعتبرت أن هناك نجاحا في التصدي لتفشي بضائع المستوطنات بالأسواق الفلسطينية.
هذا الرقم يبدو صغيرا إذا ما قورن بتقديرات رسمية سابقة قالت إن المبيعات السنوية لبضائع المستوطنات في الضفة الغربية تتجاوز نصف مليار دولار أمريكي، أي أنه بحسبة بسيطة فإن مجموع ما يباع خلال 5 سنوات هو حوالي 10 مليار دولار.
انخفاض ملحوظ
وأكد القائم بأعمال مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إبراهيم القاضي أن هناك انخفاضا ملحوظا قد طرأ على كمية بضائع المستوطنات التي تضبط شهريا فقد ضبط ما قيمته 3 آلاف شيقل فقط خلال تشرين أول من العام الجاري، في حين ضبط في الشهر ذاته من العام الماضي بضائع بقيمة 8 آلاف شيقل. وهذا ما أثبتت بيانات الضابطة الجمركية للكميات المضبوطة سنويا عدم دقته.
مؤشر مقلق
الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم رأى في حجم الكميات المضبوطة مؤشرا مقلقا يعكس استمرار التعاطي التجاري مع المستوطنات، متوقعا أن بيع في أسواقنا قد يصل إلى الأضعاف، خصوصا في ظل محدودية إمكانيات الضابطة الجمركية في متابعة الحركات التجارية.
وهذا ما أكد عليه راضي كتانة من الضابطة الجمركية الذي اعتبر أن عدم السيطرة على الحدود وتداخل المستوطنات في الأراضي الفلسطينية هي من العوائق على عمل الضابطة إلى جانب وجود مخازن ومستودعات التجار في المناطق التي تقع خارج نطاق عمل جهاز الضابطة الجمركية.
ويرى عبد الكريم أن السلطة لم تنجح بفرض سياسة واضحة لمقاطعة منتجات الاحتلال، بسبب الارتجالية وانحصار الأمر على الشعارات بدون تفاصيل تنفيذية. ويدلل على ذلك بالحملة التي تبنتها الحكومة بداية العام، عندما أوقفت "إسرائيل" تحويل أموال المقاصة، بمقاطعة 6 منتجات إسرائيلية ليست من منتجات المستوطنات، وانتهى الحملة بإفراج "إسرائيل" عن المقاصة، حسب الخبير الاقتصادي.
الخاسر الأكبر
أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت د. نائل موسى، يرى الموضوع من منظور آخر ويتساءل من الذي خسر مبلغ الـ60 مليون شيقل؟ ويجيب أن من خسر هذا المبلغ هو تاجر فلسطيني، "أي أن خسارتنا خسارتين" ويقترح أن يتم استبدال سياسة إتلاف المنتجات بمعاقبة المخالفين بشكل رادع وإيجاد وسيلة لاستغلال البضائع المضبوطة.
ويعتقد أن المنتجات الإسرائيلية سواء كانت من المستوطنات أو الأراضي المحتلة عام 1948 بالنسبة له ولمعظم الفلسطينيين سيان، بالتالي تجب مقاطعتها شعبيا حتى لو لم تستطع السلطة اتخاذ قرار كهذا كونها ملتزمة بالاتفاقيات.
مقاطعة المستوطنة أم المحتل؟
وجرمت السلطة الفلسطينية، في قرار بقانون صدر في 2010 عن الرئيس، التعامل مع المستوطنات واعتبر القرار كافة منتجات المستوطنات سلعاً وخدمات غير شرعية يحظر تداولها، كما يحظر تقديم سلعة أو خدمة للمستوطنات.
المنسق العام لحركة المقاطعة (BDS) محمود النواجعة يستغرب من استمرار السلطة بحصر مقاطعتها في منتجات المستوطنات فقط رغم أن بيان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، في آذار الماضي، قد تبنى مبادئ حملة مقاطعه إسرائيل ومعاقبتها وسحب الاستثمارات منها التي تنص على المقاطعة الشاملة لدولة الاحتلال.
ويتابع "هذه المستوطنات لم تقم بذاتها بل دولة احتلال هي من إقامتها وتستمر بتوسيعها وحمايتها والإنفاق عليها".
وتنتج المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية أكثر من 146 علامة تجارية من خلال250 مصنعا تعمل في المستوطنات، إضافة إلى ثلاثة آلاف منشأة أخرى من مزارع وشركات.
وأظهر تقرير للبنك الدولي في وقت سابق من العام أن صادرات "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية بالربع الأول من العام الجاري هوت بنسبة 24%، وذلك نتيجة تصاعد حملات المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية للبضائع الإسرائيلية وضعف النشاط الاقتصادي في "إسرائيل".
ورغم أن قرار السلطة يحظر أيضا العمل في المستوطنات على الفلسطينيين، إلا أنها، أي السلطة، لم تستطع اتخاذ خطوات صارمة بهذا الاتجاه، كونها تعجز عن توفير فرص عمل بديلة لأكثر من 20 ألف فلسطيني يعملون في المستوطنات، في ظل نسبة بطالة عالية تصل الـ 27% في الأراضي الفلسطينية.