كشفت حملة شعبية -انطلقت في مدينة نابلس لإعادة إعمار منازل هدمها الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا"عورة" السلطة والجهات الحكومية والرسمية، وتقصيرها المتعمد في هذه القضية التي شغلت الشارع النابلسي منذ حدوثها.
ورغم أن بعض القائمين على حملة "إعمار منازل الأحرار" من المحسوبين على حركة فتح، إلا أنهم لم يجاملوا السلطة والحكومة في تراخيهم تجاه العوائل التي هدم الاحتلال منازلها، بحجة أن أبناءهم الأسرى مسئولون عن عملية "بيت فوريك" البطولية التي وقعت في الأول من أكتوبر الماضي على حاجز عسكري قريب، ونتج عنها مقتل مستوطنين، التي شكلت حسب المراقبين الشرارة الحقيقية لاندلاع انتفاضة القدس.
وكانت قوات الاحتلال هدمت قبل أكثر من ثلاثة أسابيع منازل الأسرى كرم المصري ويحيى الحج حمد وسمير كوسا، فيما هدمت الخميس الماضي منزل الأسير راغب عليوي الذي ترأس الخلية العسكرية.
"لأنهم حماس"
وكشفت مصادر خاصة لـ"فلسطين الآن" عن تدخل مباشر لمحافظ نابلس أكرم الرجوب والأجهزة الأمنية (الأمن الوقائي والمخابرات العامة) لإفشال الجهود التي بذلت لإعمار المنازل المهدمة، كما لعبت بعض قيادات فتح أدوار مشبوهة بالتحريض على عدم السير في هذا الصعيد، بزعم أن العملية لحماس، وهي التي عليها أن تتكفل بأسر المنفذين.
وبلغة أوضح، اتهم نشطاء السلطة وأجهزتها الأمنية بأنها هي من تتحمل المسؤولية عن حالة الخوف التي تعيشها المدينة وتمنع المواطنين من مساعدة عائلات الأسرى، وذلك لأنها تهدد كل من يحاول المساعدة بالاعتقال والملاحقة كون الأسرى من نشطاء حركة حماس وجناحها العسكري.
في حين وصلت حالة الخوف إلى حد رفض بعضا من أصحاب البنايات تأجير عائلات الأسرى، خوفا على ممتلكاتهم كما زعم البعض، في حين يتحدث البعض عن الخوف من ملاحقة السلطة وأجهزتها الأمنية له إن قام بتأجير تلك العائلات.
واستشهدت عدد من الصفحات المحلية لمدينة نابلس بحوادث كثيرة في انتفاضة الأقصى هدمت خلالها قوات الاحتلال بنايات تضم عشرات الشقق في المدينة، أشهرها عمارة تعود لمواطن من عائلة المصري تحصن فيها الشهيد القائد القسامي محمد الحنبلي، حيث تم هدمها بشكل كامل وكانت تضم 28 شقة وأعيد بناؤها بمبادرة من أبناء المدينة، وفي وقت وجيز.
كلام في الهواء
وسبق أن قررت اللجنة الأهلية في محافظة نابلس إعادة ترميم البيوت المتضررة جراء عمليات التفجير، البالغة 50 منزلا، فيما تكفلت المحافظة بتكاليف إيواء العائلات التي هدمت منازلها، وطالبت اللجنة الحكومة بتحمل مسؤوليتها وإعادة بناء المنازل التي هدمت.
وتم تشكيل لجنة تضم في عضويتها مندوبين عن محافظة نابلس، بلدية نابلس، الشؤون الاجتماعية، الأشغال العامة، ومدير الجمعية المهندس نصير عرفات بهدف متابعة إعمار المنازل المجاورة التي تضررت من التفجيرات، على أن تبدأ عملها بشكل مباشر،غير أن كل ذلك كان كلاما في الهواء، لا رصيد له على الأرض.
"لن نتركهم بالعراء"
"حالة الغضب العارمة، والتأكيد عن أصالة أهل مدينة نابلس الذين لن يقبلوا بأن يعيش بينهم إنسان بلا مأوى وهم يتفرجون"دفعت بثلة مجتمعبة للمبادرة بالإعلان عن حملة "إعمار بيوت الأحرار".. كما يقول مازن الدنبك أحد القائمين عليها.. مشيرا إلى أنها ستستمر عدة أيام من خلال وضع صندوق زجاجي في ميدان الشهداء وسط المدينة، لفتح المجال لمن يود التبرع بوضع المبلغ الذي يريده بكل شفافية.
وجاء في إعلان الحملة النص التالي: "نعلن لأهلنا في نابلس جبل النار جبل الخير والأحرار عن إطلاق "حملة إعمار منازل الأحرار" لجمع مساهماتكم السخية لوطنكم لإعادة إعمار أو شراء منازل جديدة للأبطال الذين هدمت منازلهم على يد الاحتلال ..سيتم فتح صندوق المساهمات يوميا والإعلان عن المبلغ الذي تم جمعه في منزل عائلة من العائلات التي هدمت منازلهم.
بدوره، يشير الناطق الإعلامي للحملة حسن قمحية إلى أن الحملة هي مجهود شبابي خالص، بالإضافة لممثلين عن كل منزل مهدوم، وليس لأي من الفصائل علاقة بها وحتى المؤسسات الرسمية، داعيا جميع الأهالي ورجال الأعمال للمشاركة في الحملة التي تهدف لإعادة إعمار منازل الشبان التي دمرها الاحتلال.
شدد قمحية على أن "المواطن النابلسي لمس عن قرب التقصير الرسمي في نابلس تجاه هذه المنازل وسياسة التجاهل التي تتبعها عدد من المؤسسات الحكومية.. لذا وضعنا أمام أعيننا ضرورة أن نعكس صورة أن نابلس لا تزال بخير بأهلها، وكان ما صنعه أهالي القدس لعائلة الشهيد عكاري قبل أيام بمثابة محفز لإطلاق هذه الحملة".