16.68°القدس
16.44°رام الله
15.53°الخليل
18.62°غزة
16.68° القدس
رام الله16.44°
الخليل15.53°
غزة18.62°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: إعلام في إعلام

منذ قمة العرب الأخيرة في "سِرْت" بليبيا جرت مياه كثيرة تحت الجسر، فلم يعد رئيس القمة "معمر القذافي" موجودًا بين الأحياء، فقد أطاحت به وبنظام حكمه ثورة شعبية مسلحة، ومازالت الثورة تتلمس طريقها نحو طرابلس العاصمة. ومن المبكر أن نطلب منها توجهًا عمليًا نحو القدس، رغم أن فلسطين كانت حاضرة في بنغازي وفي طرابلس، كما كانت حاضرة في "سرت"،سرت بقيت وذهب القذافي، وهذه آية المكان فهو أبقى من الإنسان. "سرت" تستعيد ذكر نفسها من خلال مؤتمر "القدس الدولي" الذي يعقد في العاصمة القطرية "الدوحة" برعاية الجامعة العربية تنفيذا لقرار القمة العربية في "سرت" الليبية. للمؤتمر على المستوى الإعلامي أهمية تستقطب كل فلسطيني ومقدسي، ومسلم حيثما كان، لاسيما وأن الجلسة الافتتاحية منه تشهد قامات كبيرة في عالم السياسة والقرار، منها أمير قطر، ورئيس السلطة الفلسطينية، ووزير خارجية المغرب، وأمين عام الجامعة العربية، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي، ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة. هذه قامات كبيرة في عالم السياسة تلتقي معًا في الدوحة لتدافع عن القدس، وتدفع عنها التغولات الصهيونية الآثمة، ومن خلال هذا التجمع الكبير يمكن أن نقرأ إعلانًا عالميًا مشتركًا حول عربية القدس وإسلاميتها. المجتمع الدولي كله حاضر في الدوحة دفاعًا عن القدس العربية الإسلامية، والغائب الوحيد هو الاحتلال الصهيوني. العالم كله في مواجهة الاحتلال. ولكن الاحتلال وقادته لا يبالون بهذه القامات الكبيرة، ولا يبالون بهذه التجمعات العالمية الإعلامية، لأنهم يمتلكون الواقع، ويسيطرون على القدس، ويواصلون التهويد، ومثل هذه المؤتمرات (فشة غل) لن تقدم ولن تؤخر بحسب تقديراتهم، لأنها لغايات إعلامية لا عملية. إن قراءة المنطق الصهيوني يدفعنا إلى مخاطبة أنفسنا قائلين كيف يمكننا أن نتحول بلقاءاتنا الإعلامية إلى لقاءات عملية؟! كيف يمكن لهذه القامات الكبيرة التي تحضر مؤتمر القدس أن تقترح خطة عملية قابلة للتنفيذ من أجل استنقاذ القدس من استراتيجية طمس معالم العروبة والإسلام فيها، وإحياء معالم تلمودية صهيونية في مكانها. القدس تفقد في كل يوم جزءًا من هويتها العربية الإسلامية. والقدس يتآكل عدد سكانها يومًا بعد يوم لصالح التزايد الصهيوني فيها، والأقصى وزعت المنظمات الصهيونية صورًا له بدون قبة الصخرة، والهيكل قادم على الطريق. مؤتمر الدوحة مهم، وكلمة سمو الأمير القطري التي تدعو إلى التوجه إلى مجلس الأمن مهمة، ولكن في مجلس الأمن (فيتو) أمريكي، وفي مجلس الأمن بحسب إحصاء محمود عباس في كلمته خمسة عشر قرارًا بشأن عروبة وإسلامية القدس. قطر دولة صغيرة وهي وإن ملكت المال، فإنها لا تملك التحرير، لأن من يملك التحرير هو الأمة بمجموعها. الأمة التي تستنهضها أصوات وأنات الأقصى هي التي بمقدورها أن تحرر الأقصى، ولكن ليس للأمة الآن استراتيجية واضحة للتحرير. الأمة من "سرت إلى الدوحة" مرورًا بالعواصم الكبيرة لا تمتلك استراتيجية تحرير، لأن إرادة التحرير تكاد تكون غائبة عن صاحب القرار العربي والإسلامي. خمسة وأربعون عامًا منذ هزيمة 1967م ونحن نبكي القدس، ونحزن للقدس، ونتألم للقدس، ونرفع راية القدس في مجلس الأمن، وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي اليونسكو، وفي الأزهر الشريف، وفي الدوحة العامرة، وفي طهران، وفي لبنان، وفي المغرب والجزائر، وفي كل مكان فيه للقدس أنصار، ولكن هذا كله هو "إعلام في إعلام"، ولا مخرجات له في باب العامود، أو في باحات الأقصى، والخطط الصهيونية تسير باتجاه الهدم وبناء الهيكل. خمسة وأربعون عامًا وقادة العالم العربي والإسلامي بلا استراتيجية تحرير، وبلا برامج تحرير، وبلا قائد يوحد الجهود على قاعدة التحرير أولاً، والمنافسة على أشدها في ميدان الإعلام والبكاء والحزن، و(إسرائيل) أكثر اطمئنانًا لخطواتها في القدس رغم البكائيات الحزينة.