ليس غريبا على البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح أن ينتقد السلطة من قمة هرمها حتى أصغر مسئول فيها، وكذلك ليس غريبا الهجوم الذي يتعرض له من "أبواق" حركة فتح "والمستلقين"..
فللرجل مواقف يتبناها تجاه السلطة ومنظمة التحرير وكل ما ينتج عنهما من قرارات وممارسات، يرى فيها نكوصا على المبادئ الثورية و"تنازلات" جديدة تقدم مجانا للعدو الإسرائيلي.
لكن الخلاف هذه المرة قد يبدو مختلفا، فهناك إتهام مباشر لقاسم بالدعوة لقتل رئيس السلطة محمود عباس وقيادات الأجهزة الأمنية، وما قد ينتج عن ذلك من "تعد" جسدي عليه أو على ممتلكاته، وحتى على أقاربه.
حملة إعلامية
"تلفزيون فلسطين" الذي قاد الحملة الجديدة ضد قاسم، استعان بمقطع قصير لمقابلة أجراها الأخير مع فضائية القدس مساء الخميس، تحدث بها عن القانون الثوري لمنظمة التحرير الذي يخون كل من يتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي ويقدم له المعلومات، كما أن القانون ينص على أن عقوبة أولئك هي الإعدام.
"تلفزيون فلسطين" -في عهد أحمد عساف- لم يكتف بنقل المقطع والتعليق عليه، بل استعان بعدد من "الأبواق" الحكومية والتنظيمية، فجاء بوزير الأوقاف في حكومة الحمد الله يوسف إدعيس، وبكاتب مغمور يعمل محاضرا في قسم العلوم السياسية في جامعة القدس يدعى عبد المجيد سويلم، للرد على قاسم.
لا للقتل
يقول قاسم لـ"فلسطين الآن" التي تواصلت معه عبر الهاتف- إنه لم يدع إلى قتل أحد، "وليس أنا الذي يقرر شيئا بهذا الخصوص وإنما المحاكم المختصة".
وعاب المحاضر الجامعي على "تلفزيون فلسطين" أنه أورد مقتطفات من المقابلة على فضائية القدس، "لكنه لم يقرأ على المشاهدين نصوص القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا نصوص القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، وترك الأمور لاجتهادات وهواجس ضيفيه".
وشدد على أن ما جاء على لسانه يستند إلى نصوص قانونية غير مطبقة من الذين يتحملون مسؤولية تطبيقها. مشيرا إلى أن "القانون الثوري لمنظمة التحرير صادر عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو قانون فلسطيني شاركت فيه قيادات منظمة التحرير الفلسطينية". وقال "أنا لم أضع هذا القانون ولا أنا المسؤول عن تطبيقه، لكنني كمواطن لي الحق بالتساؤل حول تطبيق أمور وتجاهل أمور أخرى!!. كما أن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية وضعته السلطة الفلسطينية لكنها تطبقه في كثير من الأحيان وفق أمزجة".
وتساءل "من هو صاحب الفتنة: هل الذي يخالف القانون أم الذي يدعو إلى تطبيقه؟ أنا أرى أن الالتزام بالقانون يوفر علينا الكثير من المشاكل والهموم، والخروج على القانون أو عدم تطبيقه يوقعنا في حالات من الفوضى والعداوات. الذي يسعى إلى الفتنة هو الذي يتجاهل القانون، الذي يسعى إلى أمن الناس ووئاهم هو الذي يطالب بتنفيذ القانون والالتزام به".
وذهب قاسم إلى التأكيد على أنه "لا يريد شيئا من أحد، ولا يبغي "طبطبة ظهر" من أحد.. وأن معه من المال ما يكفيه لسنوات طويلة -والحمد لله-، فمن أراد أن ينافق عليه ألا ينافق على حسابي"، كما قال.
اعتداءات سابقة
وسبق أن تعرض قاسم لجملة طويلة من الاعتداءات الجسدية من "زعران" أو مجهولين عقب تصريحات وبيانات تصدر عنه. وعن ذلك يقول "لقد تم الاعتداء علي وعلى ممتلكاتي مرارا وتكرارا، وتلفزيون فلسطين يحرض ضدي. وكان الأولى بالتلفزيون وضيفيه أن يبينوا للمشاهدين أين تجنيت وأين أخطأت!!. أنا لم أقل شيئا بدون سند وتدعيم بنصوص كتبها فلسطينيون قالوا عن أنفسهم إنهم قيادات".
جريمة بحق السلطة
وكانت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" -التي يرأسها عساف أيضا- نقلت عن عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمدير التنفيذي لمفوضية الاعلام والثقافة موفق مطر، قوله إن تصريحات قاسم لفضائية القدس، "جريمة بحق الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية، وسلطة القضاء الفلسطيني والقانون الأساسي، وتهديدا للسلم الأهلي والوطني".
وقال مطر في بيان صادر عن مفوضية الاعلام والثقافة اليوم السبت :"إن دعوة قاسم لتطبيق حكم الاعدام المنصوص عليه فيما كان يسمى قانون القضاء الثوري، إلا دعوة لتدمير قاعدة وركائز السلطة الوطنية، ومقومات الدولة الفلسطينية"، مؤكدا أن "موافقة المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي على اتفاق "أوسلو" وقيام السلطة الفلسطينية بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية قد أدى لنشوء واقع جديد، وتحديدا فيما خص القوانين القضائية، التي باتت نيابتها العامة ومحاكمها المرجعية الوحيدة للنظر في القضايا، أما قانون القضاء الثوري فقد كان معمولا به في مرحلة انتشار قواعد العمل الفدائي والكفاح المسلح لضبط الحالة الأمنية حينها، "وما استرجاع قاسم لنصوص قانون لم يعد معمولا به اطلاقا، إلا رصاصة بقصد الاغتيال موجهة نحو السلطة القضائية الفلسطينية، لتنهار بعدها السلطتين التشريعية والتنفيذية ".