13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
16.95°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة16.95°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

بالصور: أبو شملة: زوار غير مرغوبين على مدار الساعة

المواطن يحيى أبو شملة وأبنائه
المواطن يحيى أبو شملة وأبنائه
خاص - فلسطين الآن

أشبه بسجن مراقب على مدار الساعة، تعيش عائلة يحيى أبو شملة من بلدة يعبد جنوبي جنين.. توتر لا يتوقف.. وترقب لا ينتهي.. ففي أي لحظة قد يتفاجئون بجنود الاحتلال فوق رؤوسهم.. وهو ما ترصده أكثر من عشرين كاميرا نصبها الرجل في مواقع مختلفة فوق بيته وعلى نوافذ منزله ومنازل والدته وأشقائه المجاورين له، وكذلك في الساحة المحيطة بمنطقة سكانهم، ويستخدمها لتجارته في الخشب والقرميد والحديد.

حال يحيى -وهو أب لثمانية أبناء، أكبرهم في الثانوية العامة وأصغرهم طفلة في الثالثة- أجبره على عدم ترك المنزل ولو ساعة واحدة. ولا يخرج إلا للصلاة أو لإرسال وإحضار أبنائه من المدرسة

يقول لـ"فلسطين الآن" إن معاناتهم مع مداهمات الاحتلال تعاظمت خلال الأشهر الثمانية الماضية، ومؤخرا باتت شبه يومية، بعد أن كانت أسبوعية أو مرتين في الأسبوع.. كما أنها تحدث خلال أي وقت بعد أن كانت في غالبيتها تتم بعد منتصف الليل".

ويعد حي أبو شملة أخر منطقة سكنية مأهولة في يعبد، وهو قريب على خربة "إمريحة"، وعلى الطريق الواصل لمستوطنة "دوتان"، حيث يدعي الاحتلال أن شبانا يصلون إلى هناك ويرشقون سيارات المستوطنين بالحجارة ويتخذون من بيوت أبو شملة مهربا أو مخبئا عن جنود الاحتلال وأبراجه العسكرية المنتشرة في كل مكان، وهو ما ينفيه صاحب المنزل، وتفنده كاميرات المراقبة التي ترصد كل كبيرة وصغيرة.

ذعر شديد

يضيف "عندما بدأت معاناتنا كنّا نخاف من الجنود المدججين بالسلاح، وما أن يقتحموا بيتي وبيوت أشقائي التي تؤوي نحو 30 فردا حتى نصاب بالذعر، ويبكي الأطفال ويصابون بالهلع.. خاصة في ساعات الليل الذي يتحول إلى كابوس مرعب، ويتعاظم الأمر عندما يجبروننا على الخروج منها إلى العراء وما يصاحبها من عمليات إطلاق النار بسبب وبلا سبب".

ويستدرك "اليوم بتنا نواجههم ونصطدم معهم ولا نسمح لأي جندي أن يرفع صوته.. كما أن أطفالي اعتادوا المشهد، ويواصلون لهوهم ولعبهم عندما يقتحم الجنود منازلنا.. لكن هل تعتقد أنني سعيد بهذا!! إطلاقا.. فما ذنب هؤلاء الأبرياء ليعيشوا هذه اللحظات المرعبة".

ليلة طويلة

ويروي أبو شملة -وهو في الثانية والأربعين من العمر- قصصا يشيب لهولها الولدان.. يقول "أحدث ليلة رعب عشناها كانت في الأسبوع الأول من الشهر الجاري.. فما أن عدت من صلاة العشاء حتى سمعت أصوات في محيط المنزل.. لم أكد أنظر من النافذة حتى اقتحمه عشرات الجنود، تحت وابل من إطلاق النار في محيطه بشكل عشوائي... انتشروا في الغرف، وبدءوا كالثيران الهائجة يدمرون كل شيء.. فلم أصمت وبدأت بالصراخ باللغة العبرية طالبا الحديث مع الضابط المسئول.. ولكن لا حياة لمن تنادي".

ويسرد قصتهم "وضعونا في غرفة واحدة، وبعد ساعة ويزيد أجبرونا على الخروج والانتقال لمنزل أخي المجاور، دون السماح للصغار بارتداء ما يقيهم المطر والبرد.. وتفقدوا كاميرات المراقبة الموجودة بادعاء البحث عن شبان رشقوهم بالحجارة، فلم يجدوا شيئا وغادروا بعد أن اقتربت الساعة من 11 ليلا.. لم أكد وأطفالي نغفو، وإذا بقوة أخرى تكرر المشهد لكن بشكل أفظع، إذ كانوا يصطحبون معهم كلابهم البوليسية، وبقوا في المنزل حتى ساعات الفجر الأولى".

أخشى على أبنائي

لا يترك يحيى أبو شملة أبناءه يذهبون ويعودون من المدارس وحدهم، بل يقلهم بسيارته، ويرجع لنقلهم مع ساعات الظهيرة.. وخلال هذه الفترة لا ينفك عن الاتصال بهم للاطمئنان على حالهم..

يقول "إذا خرج أبنائي من المنزل أرافقهم خشية تعرضهم لأي أذى، فلربما يتعرض لهم الجنود ويقتلوهم –لا قدر الله- ويلقون بجانبهم سكيناً لتبرير جريمتهم، أليس هذا ما يحصل يومياً بكل المناطق؟".

انقطاع تام

انقطعت عائلة أبو شملة عن محيطها، كما أن زيارات الأقارب لهم انعدمت. وعن ذلك يتندر يحيى قائلا "بدي اعمل مكتب تنسيق خاص مع الاحتلال حتى أرتب أموري واضمن ما يقتحم الجيش دارنا في حال كان عنا زوار وأقارب".

ليس اجتماعيا وحسب، بل أنه لم يعد الزبائن يفضلون القدوم إليه حتى لا يصطدموا بالجنود.. رغم أنه من أشهر تجار الأخشاب والحديد "الدوامر والدعامات" التي تستخدم في البناء.

يقول "قبل شهر تقريبا جاء زبون واتفقت معه على حمولة خشب.. وخلال حديثنا اقتحمت دوريات الاحتلال المنطقة، فخاف الرجل كثيرا لأنه لم يعتد على هذا المشهد.. فسألت الضابط الإسرائيلي عن سبب قدومهم، فطلب هوية الزبون، الذي للأسف لم يكن يحملها .. فانهالوا عليه بالضرب.. وبعد تدخلي وتأكيدي لهم أنني أعرفه وأضمنه تركوه.. لكنه فر هاربا بسرعة ولم يتمم الشراء وخسرت كثيرا.

المصير المحتوم

لم يترك يحيى وسيلة إلا ولجأ إليها،، تواصل مع الارتباط العسكري الفلسطيني والمحافظة والبلدية والمؤسسات الحقوقية.. لكنها كما يقول، لم تفعل له شيئا.. وتركته يواجه مصيره لوحده.

وينوه أبو شملة بغضب أن دائرة الضريبة التابعة للسلطة تأتي لجني الضرائب منهم على تجارتهم بشكل دوري، مضيفًا: "طالما أدفع الضرائب للسلطة، فأين هي لتوفر الحماية لي من اعتداءات الاحتلال؟، وأين دور التنسيق الأمني في هذا الشأن؟، لقد تواصلت معهم مرارًا وتواصلت مع المحافظة، ولكن دون أية نتيجة".

ويتابع: "إن قوات الاحتلال بمناوراتها تقوم بإلقاء القنابل الضوئية في سماء المنطقة، فهل تتكفل السلطة بدفع أثمان الأخشاب إن أحرقها الاحتلال؟، لقد بت أنا وأولادي وحياتنا في مرمى نيران الاحتلال، فهل تنتظر السلطة فقط موت أحد أبنائي للتدخل؟!".

لكنه يختم بقوله "مهما فعلوا لن نترك أرضنا لتصبح لقمة سائغة لهم ويتوسع الاستيطان والسيطرة على بلدنا.. سأقاوم حتى أخر نفس، معتمدا على الله أولا وأخيرا ثم على ثدرتي وقدرة عائلتي الصغيرة والكبيرة على الصمود.. فهذه أقل القليل تجاه فلسطين التي نحب".

69afbd64da2a2ce3053b2985c8deb121 bc570f274af5fd9624075884316fd202 ef7472b86a6aad36c012373e033f2501 f7f7a67c9271a80fdc88a10a478a7eda