شدد خبراء اقتصاد خلال ملتقى بشأن الصيرفة الإسلامية في الجزائر على ضرورة تعديل قانون القرض والنقد بشكل يسمح بإنشاء مؤسسات مالية إسلامية، واعتبروا أن هذا الأمر حق "يكفله الدستور لكل الجزائريين".
الملتقى من تنظيم المدرسة العليا للتجارة بالجزائر، وبالشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية بجدة، وشهد مشاركة خبراء عدة من داخل وخارج البلاد.
وخلال يومين نوّه المشاركون إلى مدى أهمية توفير مختلف المنتجات الإسلامية في السوق المالية الجزائرية، خاصة وأن البلاد تعيش تحت وقع أزمة اقتصادية خانقة جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتشهد إيرادات النفط -التي تشكل منذ سنوات 60% من تمويل الموازنة العامة- تراجعا حادا بالجزائر بلغ 50% عام 2015 وقدر بنحو 34 مليار دولار، ولمواجهة هذا الوضع سارعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات في إطار ما أسماه رئيس الوزراء عبد المالك سلال بـ"النموذج الاقتصادي الجديد".
ومن بين الإجراءات اعتماد خطة تقشف مسّت العديد من المكتسبات الاجتماعية في موازنة 2016، وإلغاء العديد من المشاريع الحكومية، مع توسيع الوعاء الضريبي.
فداد أكد أن الصيرفة تتيح توفير موارد إضافية تغطي جزءا من المبالغ المفقودة بسبب تراجع أسعار النفط (الجزيرة نت)
ويرى خبير المالية الإسلامية في المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية العياشي فداد أن "كل الدول التي يرتبط اقتصادها بمورد واحد وهو النفط تأثرت بشكل بالغ"، واعتبر أن هذا الظرف مناسب للانطلاق في استغلال ما توفره الصيرفة الإسلامية التي تساعد هذه الدول على إيجاد موارد إضافية لتوظيفها في مشروعات التنمية الشاملة.
وقال فداد للجزيرة نت إن الظرف الاقتصادي الذي تمر به الجزائر فرصة كبيرة للجهات الوصية وهي تطرح سندات دين لآجال طويلة، لأن تنتبه لدور الصيرفة الإسلامية، وقال إن الحكومة يمكن أن تصدر50% من هذه السندات على الأقل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك في ظل وجود "كتلة نقدية كبيرة جدا غير موظفة في السوق المالية لأسباب تتعلق بموقف الناس الشرعي من المعاملات المصرفية التقليدية".
وكانت وزارة المالية أعلنت الثلاثاء إصدار سندات بآجال بين ثلاث وخمس سنوات بهدف استقطاب رؤوس الأموال المحلية وتفادي اللجوء للمديونية الخارجية لتمويل المشاريع التنموية.
وأكد فداد أن توفير المنتجات الإسلامية له فوائد عدة، أهمها أنها تساعد في زيادة حجم الإصدارات مما يوفر موارد مالية إضافية غير حصيلة السندات، كما تعطي الاطمئنان للجزائريين مما يساهم في سحب الكتلة النقدية المدخرة عندهم.
في المقابل، قال الخبير في العمليات المالية والمصرفية نبيل جمعة إن قانون القرض والنقد الصادر عام 1990 يتضمن فراغا قانونيا كونه لا يتضمن أية إشارة للصيرفة الإسلامية، وكشف للجزيرة نت أن "قانون القرض والنقد المعمول به في الجزائر نسخة طبق الأصل من قانون البنك المركزي الألماني"، لذلك يعتبر أن الحل يكمن في تعديل القانون وتضمينه مواد قانونية تمكن من إطلاق منتجات إسلامية.
وتساءل عن أسباب إصرار الحكومة على تجاهل المعاملات الإسلامية، رغم أن هذا الأمر برأيه "حق يكفله الدستور الذي تقول مادته الثانية إن الإسلام دين الدولة".
فرحي تحدث عن غياب إرادة سياسية بالجزائر تراعي خصوصية المصارف الإسلامية وأدواتها (الجزيرة نت)
وعن وجهة نظره بخصوص أسباب غياب المنتجات الإسلامية في السوق المالية الجزائرية، يقول الأستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بالجزائر محمد فرحي إن "الإشكال لا يتعلق بالمنظومة القانونية التي تطورت منذ بداية التسعينيات لتتوج بإصلاحات هامة في 2010 أعطت مجالا أوسع للمصرفية عموميا".
وتحدث فرحي عن غياب إرادة سياسية تراعي خصوصية المصارف الإسلامية وأدواتها من خلال إعداد قانون خاص بها، أو إضافة فقرات قانونية للقانون الحالي تراعي خصوصية المعاملات الإسلامية.
ورغم تأكيده على وجود فرص قوية جدا لنجاح عملية طرح المنتجات الإسلامية، فإن الأستاذ المساعد بالمدرسة العليا للتجارة بالجزائر إلياس بن خدة ربط هذا الأمر بتوفر شرطين، الأول وجود إطار تشريعي وتنظيمي، والثاني يتعلق بتوفير الوسائل الاقتصادية والمالية لتطوير السوق النقدي الجزائري من خلال السماح بوجود منتجات إسلامية على مستوى البنك المركزي، مع السماح للمؤسسات المالية بالنشاط وتمكينها من استقطاب الأموال والدخول في السوق المالي والنقدي بين البنوك.
وكخطوات عملية لتطوير البحث في الصيرفة الإسلامية بالجزائر، كشفت المدرسة العليا للتجارة بالجزائر في ختام الملتقى عن إطلاق برنامج الماستر التنفيذي في المالية الإسلامية، بالشراكة مع المجلس العام للمؤسسات المالية، وهي مؤسسة تدريب رائدة عالميا، مع إنشاء مخبر متخصص في المالية الإسلامية يعتني بالجوانب التطبيقية ويبحث عن حلول للمشاكل القائمة في الصيرفة الإسلامية.