كشفت مسودة بيان لوزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي عن توجه أوروبي لدراسة إرسال عناصر أمنية إلى ليبيا للمساعدة في تحقيق الاستقرار إذا طلبت ذلك حكومة الوفاق الوطني الليبية الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة.
ويحضر وزراء الخارجية والدفاع بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مأدبة عشاء خاصة يوم الاثنين القادم في لوكسمبورغ، حيث من المتوقع أن يوافقوا على دراسة إرسال بعثات تدريب للشرطة وحرس الحدود إلى ليبيا، خاصة العاصمة طرابلس، حيث تحاول الحكومة الجديدة ترسيخ سلطتها.
وبحسب المسودة -التي اطلعت عليها وكالة رويترز وأعدها دبلوماسيون ولا تزال قيد البحث- يمكن أن تدعم المهمة الأوروبية "الجهود الليبية من خلال تقديم النصح وبناء القدرات في مجالات الشرطة والعدالة الجنائية"، وذلك في إشارة إلى "مكافحة الإرهاب" وإدارة الحدود ومكافحة تهريب اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
وتتخوف دول الاتحاد الأوروبي من تدفق موجة جديدة من المهاجرين غير النظاميين إلى إيطاليا انطلاقا من ليبيا ما لم تتم استعادة القانون والنظام قريبا في البلاد.
وفي هذا السياق، سيجري أيضا بحث كيفية انتقال المهمة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي والمعروفة باسم "صوفيا"، التي تعمل في المياه الدولية قرابة ليبيا إلى المياه الإقليمية الليبية لتدمير القوارب التي يستخدمها مهربو البشر، واعتقال المهربين، واستباق ارتفاع متوقع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا بحرا من ليبيا.
وعلى الرغم من أن تلك المهام البحرية تعمل منذ منتصف 2015، وأنقذت أكثر من ثمانية آلاف شخص، فلا يمكنها الدخول للمياه الإقليمية الليبية دون طلب من الحكومة الليبية وقرار من مجلس الأمن الدولي.
وواجهت جهود سابقة للتدريب صعوبات في عامي 2012 و2013 عندما بدأت إيطاليا وتركيا تدريب الشرطة وخططتا مع بريطانيا والولايات المتحدة لبناء قوة من ثمانية آلاف جندي. وتعرضت تلك البرامج لمعوقات من الفصائل المسلحة المتحاربة والخلافات السياسية بين الليبيين.
مقترح إيطالي
وقبيل الاجتماع الأوروبي المزمع، كتبت إيطاليا -التي تطالب بتنسيق التحرك في ما يخص الهجرة- إلى قادة مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لتوضح الطبيعة العاجلة للموقف من نشر قوة أمنية في ليبيا.
واقترحت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي "وجودا مستمرا لقوة أوروبية لتنفيذ القانون في الحزام الصحراوي"، وتوسيع المهمات البحرية لمنع التهريب وتدريب خفر السواحل الليبي.
وسيكون التواجد الأمني للاتحاد الأوروبي في ليبيا أكبر خطوة أوروبية في البلد المنتج للنفط منذ الحملة الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي (ناتو) دعما للثورة الليبية وأدت إلى إسقاط نظام حكم معمر القذافي في 2011.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين أنه ستجري مناقشة مفصلة مع الحكومة الليبية -التي توسطت الأمم المتحدة في تشكيلها- لتعريف نوع المساعدة التي ترغب فيها من الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى رغبة الاتحاد في تحاشي انطباع بأنه يدخل البلد دون دعوة.
ولم يتسن الوصول لمسؤولين ليبيين بحكومة الوفاق للتعليق على المسودة، لكنهم قالوا في السابق إن أي تعاون أمني دولي ينبغي أن تقوده ليبيا ولم يتقدموا حتى الآن بأي طلب للمساعدة.
ولا يزال توجيه الدعوة لمدربين عسكريين أجانب مسألة حساسة بالنسبة للحكومة الجديدة التي يتهمها معارضوها بأنها مفروضة من قبل الغرب وتفتقر للشرعية.
ومن المقرر أن يلقي رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج كلمة موجهة لوزراء أوروبيين عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مساء الاثنين.
وتقدم المحادثات بشأن قوة أمنية للاتحاد الأوروبي زخما لمباحثات بين المخططين العسكريين الإيطاليين والفرنسيين والبريطانيين والأميركيين بشأن إمكانية إرسال قوات إلى ليبيا لمساعدتها في حماية المنشآت الحيوية والمباني الحكومية والموانئ والمطارات.
قتال تنظيم الدولة
وكُشف في فبراير/شباط الماضي عن تمركز قوة فرنسية في منطقة بنينة قرب بنغازي (شرقي البلاد)، حيث توجد قاعدة عسكرية تخضع لسيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وتفيد الأنباء بتمركز قوة أميركية في قاعدة الوطية (جنوب غرب طرابلس)، وقوة بريطانية في قاعدة ناصر الجوية في طبرق (شرقي البلاد).
وقال مراسل الجزيرة إن عدد أفراد القوة الفرنسية بين 150 و180، ومهمتها الإشراف على سير المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية ومجلس شورى ثوار بنغازي، مشيرا إلى أن القوة الفرنسية تتبع شركة أمنية فرنسية.
وتضاف القوات الفرنسية إلى قوات غربية أخرى موجودة في ليبيا، فقبل أيام ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن هناك قوة أميركية من المارينز تتمركز في قاعدة الوطية الجوية (170 كيلومترا جنوب غرب طرابلس)، وأن مهمة هذه القوة التعرف على خارطة التوازنات على الأرض في ليبيا.
وقبل ذلك، صرح أحد المقربين من البرلمان الليبي المنحل بأن هناك قوات بريطانية في قاعدة ناصر الجوية في مدينة طبرق.