منذ اندلاع انتفاضة القدس أكتوبر الماضي، والاحتلال الإسرائيلي بكافة مستوياته يحاول بشتى الطرق لإخماد شعلة الانتفاضة، إما بالاعتقال والقتل لمجرد الشبهة وزيادة الحواجز والاعتداء على الحرائر، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة زيادة تصريحات قادة الاحتلال وتفاخرهم بأن الانتفاضة على وشك التوقف.
كل هذه الأساليب القمعية والمتزايدة دفعت المقاوم الفلسطيني للتفكير بمنحى جديد وأشد إيلاماً بهذا العدو الغاشم، فجاءت عملية تفجير الباص بالقدس مساء أمس، والتي أسفرت عن إصابة 21 إسرائيلياً وفق ما أعلنته شرطة الاحتلال.
انتقال نوعي
الخبير في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر اعتبر في حديث لـ"فلسطين الآن" أن مثل العملية تعد تطوراً نوعياً عن المراحل السابقة وخروج عن العمليات الفردية، متوقعاً أن يكون هذا هو نمط العمليات المستقبلية.
وبين أبو عامر أن العملية كانت بمثابة صدمة كبيرة للجهات الأمنية الإسرائيلية التي أرادت حرف الأنظار عن انتفاضة القدس، بعد إعلانها باكتشاف نفق إستراتيجي على حدود غزة، في حين تلقيها ضرب قاسية في قلب القدس المحتلة خاصة بعد انقطاع هذه العمليات منذ العام 2004.
وحول ردة فعل الاحتلال المتوقعة في الساعات القادمة، أوضح أن الاحتلال سيضاعف إجراءاته بالضفة والقدس من حملات الاعتقال والهدم إضافة إلى إجراءات انتقامية من المساس بالبشر والبحث لمن يقف خلف تنفيذها.
إرباك الاحتلال
ولفت المختص في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي إلى إرباك الاحتلال الواضح قبل الإعلان عن العملية والتصريحات المتضاربة حول تفجير الباص، إلى أن ظهرت الرواية الحقيقية والتي تخبطت فيها الشرطة الإسرائيلي لأكثر من ساعتين قبل أن تجزم بأن انفجار الحافلة في القدس نجم عن عبوة ناسفة، وليس بسبب خلل هندسي.
وحول ردود الفعل المتوقعة من قبل الاحتلال بين الريماوي في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن أي فعل سيقوم به الاحتلال لن يهتم له الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية كل يوم تشهد صنوف من العذاب واعتقالات وتدمير بيوت وحواجز، وكذلك في غزة حصار إسرائيلي منذ 10 سنوات دون حلول.
وأشار إلى أن هذه العملية هي الأهم في تاريخ انتفاضة القدس، وقد أعادت للأذهان مشهد العمليات التفجيرية، وقد شكلت صدمة قوية للاحتلال خاصة بعد حديثه عن قضية تأمين الحافلات وتفاخره بذلك.
عبوة بتقنية عالية
وفي السياق، قال المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبري "رون بن يشاي" إن العبوة المستخدمة في تفجير حافلة القدس أعدت بمهنية عالية.
وأضاف "بن يشاي" أن العبوة تم تفجيرها على مقربة من خزان الوقود، وتم إعدادها لتخترق أرضية الحافلة.
وعنونت "يديعوت أحرونوت" أحد أهم تقاريرها عن انفجار حافلة في القدس المحتلة بعبوة ناسفة بـ"" الكابوس يعود"، في إشارة لعودة العمليات التفجيرية في باصات الاحتلال والتي اشتهرت بها المقاومة في التسعينيات الماضية وخلال انتفاضة الأقصى.