للعام الثاني على التوالي لا يزال رواد المساجد التي دمرها الاحتلال في عدوانه الأخير على قطاع غزة صيف عام 2014 يؤدون صلاة التراويح ومناسك شهر رمضان الفضيل على ركام مساجدهم التي احتضنتهم واقفة وآوتهم مهدمة.
في مخيم النصيرات للاجئين، وسط قطاع غزة، كان لها نصيب كبير من قصف المساجد، فبدأت الحرب الإسرائيلية بقصف مسجد الفاروق وسط المخيم بتاريخ 12/7/2014 في اليوم الخامس من الحرب، تلاها قصف مسجدي الشهداء والقسام في ذات الليلة، وتبعها قصف مسجد الاحسان بالمخيم، علاوة على استهداف عدد من المساجد بالقذائف المدفعية التي أحدثت بها أضرارا تم تجاوزها بعد الحرب.
وقد فرضت الطبيعة الجغرافية للمساجد المدمرة واقعا على رواد المسجد، فاحتضن بدروم سوق النصيرات المركز رواد مسجد الفاروق، فيما احتضنت باقي مساجد النصيرات قطع أرض صغير ببعض الشوادر في فصل الشتاء، وأرضية المسجد المدمرة في فصل الصيف.
إقبال كبير
يعتبر مسجد القسام الأكبر في مخيم النصيرات، حيث يتوافد عليه مئات المصلين لأداء صلاة التراويح خلف الشيخين عبد الرحمن الجمل ويوسف فرحات، نظرا لالتزام المسجد بختم القرآن في صلاة التراويح منذ ما يزيد عن 15 عاما، من خلال تلاوة جزء بشكل يومي مقسم على 20 ركعة.
ولخصوصية مسجد الشهداء المدمر المتمثلة بإمامه الشيخ غسان الشوربجي، تجد ساحة المسجد ومحيطه والشارع العام المقابل له ومصلى النساء جميعها تعج بالمصلين الذين يتوافدون من كل محافظات قطاع غزة للصلاة.
أسرة مسجد الشهداء عكفت قبيل شهر رمضان بعدة أسابيع على إعادة إعمار جزء من المسجد المدمر، فأنشأت بدروم المسجد بشكل مبدئي، وفرشت سطح البدروم، وغطته بالشوادر، حيث تقيم صلوات الشهر الفضيل عليه.
ويعتبر مسجد الشهداء الأكثر اكتظاظا بعدد المصلين في مساجد قطاع غزة، لما يشمله من جمال صوت الشيخ الشوربجي، وأنشطة المسجد المتنوعة التي تجذب المصلين من كافة مناطق القطاع.
تنقل ما بين الشتاء والصيف
في مسجد القسام يقضون منتصف العام بمصلى صغير لا يتجاوز مساحته 300 متر في فصل الشتاء، ومع بدء فصل الصيف تجري الصلاة بساحة المسجد المدمرة التي تقارب مساحته الـ1000 متر، حيث تم تجهيز أرضيته قبيل رمضان الماضي، ووضع شادر للحد من أشعة الشمس.
وعلى ذات الخطى يسير مسجد الشهداء المدمر، ففي نصف العام في مصلى صغير، وفي النصف الآخر على أرضية المسجد المدمر بالخلاء.
وتنوعت نشاطات المساجد المدمرة ما بين صلاة وأمسيات قرآنية بأصوات عدد من القراء المتميزين، ومسابقات ثقافية، وإكرام المصلين، والحرص على إراحة ضيوف الرحمن في شهر رمضان.
وما بين الشتاء والصيف وتقلب الفصول، يبقى أحوال المساجد المدمرة تراوح مكانها، مصلون يعانون برد الشتاء وماء الأمطار وأشعة الشمس الحارقة، ومساجد ما تزال أرضيتها مستوية تنتظر الإعمار، ورواد علقوا آمالهم على رب كريم في شهر فضيل.