استكمالا لموائد الرحمن التي كانت منتشرة منذ عقود في مدينة نابلس، وللعام الخامس على التوالي، تواصل تكية نابلس الخيرية تقديم وجبات الإفطار لمئات العائلات الفقيرة على مستوى المحافظة.
وبدأت التكية التي تشرف عليها لجنة زكاة نابلس المركزية عام 2012 بتوزيع 500 وجبة يوميا، ليرتفع العدد في رمضان الحالي لأكثر من 1500 وجبة ساخنة توزع يوميا وفق قوائم أعدت بعناية، بحيث تنال مختلف الأحياء السكنية في المدينة نصيبها منها.
كما لم يعد الأمر يقتصر على الفقراء من أبناء مدينة نابلس، بل وصل لغالبية القرى والبلدات المجاورة، كما تم الاتفاق على مساعدة التكايا في المخيمات على القيام بعملها على أكمل وجه.
يوميات العمل
والتكية على صغر مساحتها تبدو كخلية نحل، إذ يبدأ العمل في ساعات الصباح الباكر بطهو الأرز مع الوجبة الرئيسة، ومن ثم تجهيز اللحم أو الدجاج، قبل الشروع بعملية التعبئة والتغليف.
"فلسطين الآن" التقت بالأستاذ حسنين العفوري الناطق باسم لجنة الزكاة، حيث أكد أن عملية توزيع الوجبات الغذائية تتم وفق ضمن قوائم مسجلة وفق معايير ومعدة مسبقا مع وزارة الشئون الاجتماعية، وبقية المؤسسات الخيرية والاجتماعية في محافظة نابلس، وأن الحالات المشمولة في التوزيع هي حالات الشؤون والأيتام والأرامل والمرضى.
وتحتاج التكية لـ300 دجاجة و120 كيلو أرز و18 لتر زيت و180 كيلو من الخضروات لإنتاج تلك الوجبات يوميا، إضافة إلى البقوليات من العدس، والبازيلاء، والفاصوليا، التي تلبي حاجة الكثير من الفقراء والمحتاجين، الذين تضاعف عددهم هذا العام.
وتطمح لجنة الزكاة أن يزداد عدد الوجبات إلى 2500 وجبة طعام حتى نهاية شهر رمضان المبارك، مما يتطلب من الميسورين إلى إمداد التكية بالكميات الكبيرة من الدجاج والمواد التموينية اللازمة للطبخ في ظل ازدياد الإقبال عليها.
وأشاد العفوري بالتسابق من أهل الخير لمد التكية بكل ما يلزمها.. "التبرعات من الأرز والدجاج واللحوم والخضار لا تتوقف.. تصلنا يوميا العديد من الاتصالات من مؤسسات ورجال أعمال وفاعلي خير، يبتغون الأجر والثواب من رب العباد، ويريدون أن يوفروا لنا كل ما يلزم للتكية حتى تواصل عملها".
وأوضح أن خطة لجنة الزكاة تقوم على ضرورة أن تستمر التكية في عملها لما بعد الشهر الفضيل، وأوضح "قد يكون ليوم أو يومين في الأسبوع، لكن المهم أننا نريد من الخيّرين في هذه البلد المعطاء أن لا يبخلوا علينا.. فالثواب من رب العباد طوال العام وإن كان مضاعفا في شهر رمضان".
الجنود المجهولون
ولا يخفى على الزائر للتكية أن يلحظ الجهود التي يبذلها المتطوعون الذين يعدون جنودا مجهولين- في سبيل إتمام المهمة في وقتها، فالدور المنوط بهم لا يستهان به، ورغم أنه يتطلب جهدا وعزيمة لكنهم ينفذونه برضى وسعادة تامة. ويتركز جهدهم في تعبئة الطعام وتغليفه ليكون جاهزا للتوزيع، ونقل الوجبات وإيصالها إلى مستحقيها.
الشاب مهدي الخاروف (26 عاما)، أحد متطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لم يغب عن التكية يوما واحد، تجده يسبق العاملين فيها صباحا، ويساعدهم في كل يستطيع.. ولا تفارقه البسمة طيلة وجوده في التكية.
يقول الخاروف إن الدافع الديني والرغبة في خدمة الناس في شهر رمضان خاصة الفقراء والمحتاجين، دفعه للتطوع في تكية نابلس، وهو يحث كل الشبان من الجنسين على التطوع في أي مكان يرونه مناسبا.. فالمهم هو النية لعمل الخير والتسهيل على الفقراء والمحتاجين.
وجبات ساخنة
حسن إبراهيم شوفان، الطباخ الرئيس في التكية الذي يعمل برفقة مساعدتين، عبر عن سعادته في هذا العمل، مؤكدا أن التكية تقدم وجبة لكل فرد يأتي للتكية مكونة من طبق من الأرز وقطعة من الدجاج بالإضافة لكوب من الشوربة.
وأوضح شوفان إن الوجبة تؤمن حاجة الصائمين الفقراء في رمضان، وتعتمد على أصناف التبرعات من أهل الخير، إلا أن غالبيتها تعتمد على الأرز، وأحيانا يتم إعداد وجبات من السمك وصواني الدجاج والخضار.
ودعا شوفان المجتمع المحلي والمقتدرين في نابلس بمساعدة التكية وتقديم الدعم لاستمرار عملها بعد انتهاء شهر رمضان. حيث تعود التكية بعد انتهاء شهر رمضان للعمل يوما واحدًا فقط في الأسبوع، تقدم خلاله الوجبات للفقراء والمحتاجين في نابلس ومخيماتها وقراها.