من جديد، عادت النائب عن حركة فتح نجاة أبو بكر من نابلس، للهجوم على وزارة الصحة ووزيرها جواد عواد، إذ طالبته بالاستقالة الفورية بسبب الفشل في إدارة مرافق الوزارة وتحديدا المستشفيات الحكومية، التي تشهد تدهورا في مستوى الخدمة، كما قالت.
أبو بكر التي لها باع طويل في مهاجمة الوزارة خلال السنوات الماضية، أرجعت هذه المرة فشل الوزارة إلى سياسات الوزير، الذي ينتهجها في عمله.
وقالت إن "المواقع الحساسة والإدارات المهمة في الوزارة تسند حسب العلاقات والولاءات، وليس حسب الكفاءة"، مضيفة أن "الوزارة أصبحت تسمى وزارة القائم بالأعمال، إذ يوجد العشرات من المواقع الحساسة يشغلها موظفون بمسمى قائم بأعمال، والبعض منهم مضى عليه في هذا المسمى سنوات".
وذكرت أبو بكر بعض الشواهد فيما ذهبت إليه، كـ"العجز عن افتتاح قسم العناية المكثفة في المستشفى الوطني في نابلس الذي مضى على تجهيزه وتحضيره وإعداده أكثر من سنة.. علما أن أكبر نسبة تحويلات من وزارة الصحة والقطاع الخاص تتم لمرضى العناية المكثفة".
وتابعت "رغم أن المستشفى الوطني مكتظ من حيث المساحة.. ورغم مضي أشهر على إتمام بناء التوسعة لقسم الطوارئ، إلا انه لم يتم افتتاحه لغاية الآن".
سياسات الوزير
ولفتت أبو بكر إلى التناقض في موقف الوزير عواد، قائلة "إن ما يسترعي انتباه المتابع لوضع الوزارة، يشاهد التناقض في مواقف الوزير.. فبعد أن شكل لجنة تحقيق في حادثة وفاة سيدة مريضة أثناء غسيل الكلى في مستشفى بيت جالا بمحافظة بيت لحم، وبعد أن أنجزت هذه اللجنة عملها، شكّل الوزير لجنة أخرى دون إبداء الأسباب".
الهجوم على الوزير لم يتوقف، إذ اتهمته النائب أبو بكر بإتباعه لسياسة تتركز في إضعاف الكادر الطبي، "ما يدلل على أن الوزير ليس لديه القدرة على إدارة الأفراد وإدارة الأزمات".
وأشارت إلى أن المستشفيات تعاني من نقص شديد في الكوادر والتجهيزات، وهذا يعود بشكل أساسي إلى عدم قدرة الوزير على إدارة الوزارة.. "واستمراره في سياسته الحالية يعرض النظام الصحي الحكومي للخطر، ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في ميزانية السلطة الفلسطينية بسبب استمرار سياسة التحويلات للقطاع الخاص وللخارج، وعدم توطين الكفاءات داخل المنظومة الصحية، إذ يوجد كفاءات هائلة مهنيا وطبيا تحتاج فقط لشعور بالأمان الوظيفي والاستقرار والرضا".
رد الوزارة لم يتأخر، فقد باتت الحرب بين الطرفين علنية، وتمس الشخوص، كما يؤكد المتابعون، الذين انقسموا ما بين مؤيد للنائب ومعارض لها.
وجاء في بيان الوزارة الذي وصل نسخة منه لـ"فلسطين الآن": "كنا نتوقع من حضرة النائب في المجلس التشريعي نجاة أبو بكر، التي هي -أعمى بصرٍ وبصيرة- أن تدافع بما تملكه من قدرة عن وزارة الصحة ووزيرها وكوادرها لما يقدمونه من خدمات طبية جليلة لأبناء شعبنا الفلسطيني".
وتابع "كنا نتوقع منها أن تتفضل بزيارة مستشفيات الوزارة ومراكز الرعاية الصحيّة الأولية، لتشاهد بأم عينها حجم العمل والإنجاز والتطوير الذي يتم يومياً في كافة مرافق الوزارة، ولكن تأبى النائب أبو بكر إلا أن تبقى في الخندق نفسه... خندق التشكيك والمهاجمة والطعن والتشويه... لأن هذا الخندق يعفيها من الكثير وهي تعلم ذلك!!".
وسرد البيان -الذي يراه البعض ضعيفا وركيكا وسطحيا- ما يمكن وصفه بـ"الديباجة المعتادة"، بإشارته إلى المعيقات والتحديات الكثيرة التي تعترض عمل الوزارة.. كما حاول أن "يدلس" لرئيس الحكومة وقبله لرئيس السلطة في محاولة لاستجلاب تعاطفهم في معركة الوزارة الراهنة.
الطابور السادس
وقال إن "وزارة الصحة الفلسطينية وبالرغم من كل المعيقات والتحديات التي تواجهها فإنها وبإرادة كل المناضلين من أبناء شعبنا وبدعم وتوجيه من سيادة الرئيس محمود عباس ومتباعة حثيثة من دولة رئيس الوزراء د. رامي الحمد لله، وبعمل دؤوب دؤوب من أبنائها المخلصين، قد حققت تقدماً ملحوظاً لا يعترف بوجوده سوى أعمى بصرٍ وبصيرة من أمثال النائب أبو بكر، لا يراه إلا من جندوا أنفسهم ليكونوا في خندق الطابور السادس.. لأن ذلك يريحهم من المسؤولية وتبعاتها، فلن تجد منهم سوى النعيق والخراب، وهم لم يقدموا طوال تاريخهم شيئاً يفيد شعبهم وينصره ويرفع ظلماً أو يقدم له حاجة".
دفاع مستميت
هو بالضبط ما شنه البيان عن وزير الصحة، مدعيا أن "النهج الذي حققه وزير الصحة في الوزارة هو القيادة الجماعية والعمل الجماعي بروح الفريق، حيث لا يوجد ما يسمى بمواقع حساسة أو غيره حساسة، فكل المواقع في وزارة الصحّة بالحساسية والأهمية ذاتها، وإن أي موقعٍ لم يسند لأحد إلّا وفق الاجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية وضمن إجراءات شفافة ونزيهة تفتقر لها النائب نجاة أبو بكر في أدق تفاصيل حياتها".
ورد البيان على كل اتهام وجهته النائب أبو بكر للوزارة، فبخصوص مسمى القائم بأعمال، قال البيان إنه "موجود في كافة الوزارات والمؤسسات لتسيير أعمال الدوائر والوحدات والأقسام، وإن أي تعديل لهذا المسمى يخضع لإجراءات قانونية، وهو الأمر الذي تقوم به وزارة الصحّة فعلياً". مع الإشارة إلى أن عددهم في الوزارة لا يتعدى عدد أصابع اليدين، وفق البيان.
أما ما يخص المستشفى الوطني في مدينة نابلس، "فيتوفر فيه قسم للعناية المكثفة، والوزارة تعمل حالياً على توسعة هذا القسم، ضمن مشروع ممول من الحكومة التركيّة، إضافة إلى ما تقوم به من تطوير لكافة أقسام المستشفى الأخرى"، مطالبا أبو بكر بتنظيم حملة شعبية وطنيّة لدعم المستشفى بدلاً من التباكي على قسم فيه أو في غيره، "لكنها لن تخرج من خندقها المشبوه!!".
لجنة التحقيق
وبخصوص لجنة التحقيق في وفاة المريضة فائدة الأطرش، فإن وزير الصحّة جواد عوّاد وبعد الحادثة مباشرة، شكّل اللجنة للوقوف على حيثيات ما جرى، وقد خلصت بتوصيات، لكن بناءاً على طلب النائب العام ولزيادة الشفافية، تم تشكيل لجنة أخرى بعضوية أطباءَ من خارج الوزارة، وقد خلصت هي الأخرى إلى النتائج ذاتها، بعدم وجود أي احتمال لخطاً طبي في وفاة المريضة، "الأمر الذي يعزز شفافية لجان التحقيق التي تشكلها الوزارة، كما أنّها لا تمانع في تشكيل أي لجان أخرى، ما يدلل على يقيننا بنتائجها النهائية".
نقص الكوادر
وعن النقص الذي تعانيه الوزارة في الكوادر، فهو -حسب البيان- ناتج عن زيادة عدد المراجعين لكافة مرافق الوزارة بسبب ثقتهم بإنجازاتها وخدماتها، "وهو أمر لا يعيب الوزارة ولا كوادرها، بل يؤكد على قدرة قائدها في تدبير أمورها، وذلك بهمة طواقمها الطبية وأبنائها المخلصين ومضاعفة جهودهم، وبذلهم من وقتهم ووقت أبنائهم لإبقاء الخدمة في مستوى متقدم ومتطور".
ولم يكد ينتهي الشرح، حتى وجهت الوزارة للنائب أبو بكر، بنصيحة بأن تقدم هي استقالتها من المجلس التشريعي وأن تتبرع براتبها ومصاريف مرافقيها وسيارتها للمرضى والمعوزين من أبناء شعبنا.. "لعل اللهَ يغفر لك خطاياك بحق الوزارة والعاملين فيها".
وختم البيان بالقول إن "استمرار نهج النائب أبو بكر في مهاجمة الوزارة بهذه الطريقة، هو استمرار لنهجها في الردح والشتيمة الذي لا تفهم سواه، هذا التهجم الذي يدمر المؤسسات ولا يبنيها وتحركه مصالح شخصية فئوية، ترنو من خلالها لتسليط الأضواء عليها، لكن الظلام سيبقى يلفّها حتى تعتذر عمّا قالته وتقوله بحق مؤسسات وطننا الحبيب".
