ما هو التنسيق الأمني الذي يُصِرُّ على ممارسته رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويرفض أن يَمسَّهُ أيُّ عربيٍّ بنقد طفيف، أو يخدشه برفض خفيف؟ ألا يحق للمواطن العربي أن يعرف فضائل التنسيق الأمني على الفلسطينيين، طالما كان بهذه الأهمية؟. التنسيق الأمني هو التعاون بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبين المخابرات الإسرائيلية برعاية أمريكية، ويهدف إلى حماية أمن المستوطنين اليهود، تحت مسمى محاربة الإرهاب كما تدعي (إسرائيل) وأمريكيا، أو محاربة العنف بدلاً من تصفية المقاومة كما يسميه عباس. إن ما سبق من تفسير لا يختلف عليه فلسطينيان، يراقبان ما يمارس على الأرض، والدليل على ذلك، أن أجهزة الأمن الفلسطينية تتلقى إشعاراً مسبقاً من جهاز المخابرات الإسرائيلية، تبلغها فيه عن نيتها مهاجمة أحد المنازل في مدينة نابلس، أو إحدى المجموعات في مدينة الخليل، أو مهاجمة أحد المقاومين في مدينة جنين، أو مهاجمة محطة فضائية في مدينة رام الله، لتبدأ على الفور أجهزة الأمن الفلسطينية في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم إعاقة مهمة الجنود الإسرائيليين. وذلك من خلال تبليغ عناصر الأمن الفلسطينية بالانسحاب من المكان، وتسليم سلاحهم الشخصي، خشية أن تأخذ أحدهم الحمية الوطنية، فيطلق النار على الجنود الإسرائيليين، ويتم إبلاغ باقي عناصر الأمن الفلسطينية في المنطقة بحسن التصرف في حالة الالتقاء مع القوة الإسرائيلية الغازية بالصدفة، وحسن التصرف هذا يتمثل في تنكيس السلاح، وإدارة الظهر فور التقاء عنصر الأمن الفلسطيني مع الجندي الإسرائيلي!. تجدر الإشارة إلى أن عمل المخابرات الإسرائيلية المباشر هذا ضد الفلسطينيين لا يتم إلا بعد أن تظهر أجهزة الأمن الفلسطينية عجزاً في القيام بواجبها، أو بعد أن يتأكد للمخابرات الإسرائيلية إن المستهدف خطير إلى حد يستوجب تصفيته بشكل مباشر، أو اعتقاله لانتزاع معلومات تتجاوز في أهميتها أجهزة الأمن الفلسطينية. لم يحدث في تاريخ التنسيق الأمني مع الإسرائيليين أن تلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أي معلومة عن نشاط إرهابي لمستوطن، ولم يحدث أن توجهت قوة عسكرية فلسطينية لإحباط عمل تخريبي لمستوطنين يهود، ولم يحدث في تاريخ التنسيق الأمني أن داهمت القوات الفلسطينية مستوطنة يهودية، أو قتلت يهودي، أو اعتقلته، أو خدشت صحن بيت يهودي واحد يخطط لتدمير الأقصى، أو السيطرة على ما يسمونه قبر يوسف في نابلس. من الضروري أن يفهم العربي معنى التنسيق الأمني؛ لأن قسماً كبيراً من كبار الموظفين الفلسطينيين أسكرتهم الرواتب، وصاروا مخدرين، غير قادرين على التفكير أبعد من آخر الشهر، وللدلالة على حديثي أقول: لو سألتم فلسطينياً برتبة لواء أو فريق أو وكيل وزارة، أو سفير يقيم في دولة مصر، أو الأردن أو الخارج، ويبلغ راتبه الشهري ثلاثين ألف جنيه مصري تقريباً، لو سألتموه: ما رأيك بالتنسيق الأمني؟ فماذا سيجيب؟!. لا تقل بعد ذلك أيها العربي: باع الفلسطيني أرضه، وإنما قل: باع كلُّ المنسّقين من حكام عرب وفلسطينيين، ومن مطبعين، وراجفين، ومتآمرين، كلهم باعوا فلسطين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.