"قبل أشهر بسيطة أخرجوا قرود وأسود من قطاع غزة حتى يعالجوا في الخارج لأن القطاع بيئة غير ملائمة ليعيش فيها حيوان، هل تريدون أن نقول أننا حيوانات ونريد جمعيات الرفق بالحيوان تهتم فينا؟، نحن لسنا حيوانات، نحن بشر مثلنا مثل أي مسئول موجود، مثلنا مثل ابن أي مسئول، نريد أن نحيا حياة كريمة".

بكل قهر خرجت هذه الكلمات من المواطن ماهر سلامة وهو يجلس بجوار شقيقته من أمه المريضة بالسرطان منذ قرابة ثلاثة أعوام، كلماتٌ تحمل غصة وألمًا لإنسان ينظر إلى قريب مسجى على فراش المرض ينتظر الموت كل لحظة.

وقررت المواطنة المريضة بالسرطان أنوار المغاري من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، خوض إضراب عن الطعام لليوم السادس على التوالي، بعد رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح لها بالسفر عبر حاجز بيت حانون للعلاج في مستشفى النجاح بنابلس، في آخر خطوة من خطوات علاجها.

أخبار ذات صلة

مفاوضات غزة مستمرة والاحتلال يضع شرطًا جديدًا مثيرًا للجدل

صاروخ يمني يستهدف "تل أبيب"والاحتلال يرد بقصف صنعاء والحديدة

معاناة المرض

وخلال حديث "فلسطين الآن" مع المريضة أنوار محمد المغاري (48 عامًا) في بيتها في الحي السعودي غرب مدينة رفح، أوضحت أنها اكتشفت المرض بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة عام 2014م، وبعد إجراء الفحوصات في مستشفى الأوروبي اكتشفوا انسداد في الأمعاء وأجروا عملية استئصال في الأمعاء.

وقالت مبينة:"أثناء العملية اكتشفوا وجود كتلة في الكبد، ومكثت 27 يومًا في مستشفى الأوروبي وبطني مفتوح، ليتم تحويلي على نابلس وعالجوني حتى أغلق الجرح، وبعدها بدأوا بالعلاج في الكتلة الموجودة على الكبد"، منوهة أنها سافرت للعلاج أكثر من مرة في مستشفى النجاح بنابلس، تناولت خلالها 18 جرعة علاج بالكيماوي.

في آخر رحلة علاج أجرت المغاري صورة ذرية في إحدى المشافي الإسرائلية في الداخل المحتل، وتبيّن هذه الصورة موضع الكتلة في الكبد لإجراء عملية استئصال تغني عن استعمال الكيماوي، لتتفاجأ المريضة بمنع الاحتلال لها بالسفر بحجة الرفض الأمني في آخر خطوة من خطوات علاجها، رغم أنها سافرت عبر ذات المعبر أكثر من 15 مرة.

وبعد رفض الاحتلال استكمال المريضة المغاري للعلاج عادت لتناول جرعات الكيماوي في مستشفى الأوروبي، وقالت:"أنا اليوم مضربة عن الطعام لليوم السادس، انسدت نفسي عن كل شي، أريد أن أكمل علاجي لأني تعبت من الكيماوي، كل يوم أذهب إلى المستشفيات، وصارت حالتي صعبة ولا أحد مدور على أحد".

وتساءلت:"كل ما نقدم للتحويلة مرفوضة، لماذا وأنا واحدة من آلاف المرضى؟، أين العالم وأين الصليب الأحمر وأين حقوق الإنسان يساعدوني في هذا المرض الذي تفقدني الله فيه، والحمد لله؟".

وتابعت:"أمنيتي ان أتعالج وأشوف أولادي وأفرح فيهم، ورسالتي لكل الشعب وللرئيس الفلسطيني ووزارة الصحة والصليب الأحمر وحقوق الإنسان ولكل مسئول وكل ضمير حي ينظروا لي ولكل مريض، حتى نكمل العلاج".

بيتٌ حزين

وبدوره وصف الأخ غير الشقيق للمريضة ماهر سلامة حال البيت في ظل المرض بقوله:"لا أدري ماذا أقول لك عن إنسانة تنتظر الموت في كل لحظة، كيف سيكون يومها كيف ستكون حياتها؟".

وأضاف:"ممكن تكون نظرتها لأولادها نظرة وداع، كل يوم تتصل على بنتها تريد رؤيتها، ممكن وهي مريضة تطلب الذهاب إلى والدتها، فتتعامل مع نفسها أن كل ساعة تعيشها هي آخر ساعة لها في الحياة، فماذا تتوقع أن تكون نفسيتها والبيت التي تعيش فيه، أكيد جحيم؟".

واعتبر أن قطاع غزة يفتقر لأدنى مقومات العلاج، وقال:"أطلب من كل من يتعامل مع نفسه أنه إنسان على وجه الأرض، قبل أشهر بسيطة أخرجوا قرود وأسود من قطاع غزة حتى يعالجوا في الخارج لأن القطاع بيئة غير ملائمة ليعيش فيها حيوان".

وتساءل:"هل تريدون أن نقول أننا حيوانات ونريد جمعيات الرفق بالحيوان تهتم فينا؟، نحن لسنا حيوانات، نحن بشر مثلنا مثل أي مسئول موجود، مثلنا مثل ابن أي مسئول موجود، نريد أن نحيا حياة كريمة، أقل شيء يطلبه الإنسان ويحتاجه أن يتعالج عندما يكون مريض".

وتابع بقوله:" إنسان يصارع الموت على مدار اللحظة، ما نريده أنه حتى لو مات أنه لا يشعر بقصور بنفسه، أو أهله لا يشعروا أنهم قصروا فيه، ماذا تتوقع ردة فعل ابن يرى أمه تموت كل لحظة على الاحتلال الذي منعها من العلاج، ماذا يمكن أن تكون ردة فعله؟".

ومن جهته ناشد نجل المريضة محمود المغاري "كل قلوب رحيمة أن تقف مع والدتي وتتعالج من مرض السرطان"، وقال:"نناشد أبو مازن أننا في رقبتك إلى يوم الدين".
وختم بقوله:"عايشين بحمد الله، كلنا مرضى وكل ما أمي تتألم نحن نتألم، في الليل نصحى ونجري على المستشفيات والدواء، والاحتلال يتصل عليها أنها مرفوضة أمنيًا، لا نعرف أن نخرج ونطلع مع بعض، ولنا 3 سنوات نعيش في غم وحزن".