شكاوى مستمرة لازالت تطل برأسها من الانعكاسات السلبية للعب كرة القدم على ملاعب العشب الاصطناعي، الذي بات التوجه الحديث للاتحاد الفلسطيني والأندية وحتى الملاعب التجارية الربحية المنتشرة في ربوع فلسطين بسبب انخفاض تكلفته وملائمته للظروف المناخية المختلفة مقارنة مع العشب الطبيعي.
وتنبع الشكاوى من تزايد عدد اللاعبين المترددين على أطباء الفرق والعيادات والمستشفيات، إثر تعرضهم لإصابات، سواء خلال الحصص التدريبية، أو بعد كل مباراة، مما أثار نقاشا ساخنا في الساحة الرياضية، إذ توزعت المواقف بين مؤيدة لاستمرار استخدامه، وبين من سارعت إلى الحكم بأنها تجربة فاشلة.
والعشب الصناعي هو منتج مصنع ومصمم أساسا للاستخدام في الملاعب الرياضية بأنواعها حسب مواصفات ومعايير معينة بحيث يكون معد للاستخدام الشاق والطويل، ولكل نوع من الملاعب عشب مصمم خصيصاً له، ويختلف كل نوع حسب استخدامه من حيث طول الشعرة وسماكتها والمادة الكيميائية المصنع منها وطريقة تجعيدها وشكل نهايتها، وكالة "فلسطين الآن" رصدت أبعاد القضية وأعدت التقرير التالي.
إعادة تأهيل
المدير الفني عمار سلمان، قال في تصريح سابق لـ"فلسطين الآن": أن العشب الاصطناعي في بعض ملاعب المحافظات الشمالية متهالك ولا يصلح لممارسة كرة القدم عليه، نظراً للمخاطرة الجمة التي قد تأثر على صحة وسلامة اللاعبين.
وأضاف أنه لاحظ أثناء قيادته لنادي هلال القدس في مرحلة الإياب لدوري المحترفين الموسم الماضي، أن أرضية ملاعب استاد الخضر ببيت لحم والحسين بن علي بالخليل وفيصل الحسيني بضاحية الرام بحاجة إلى إعادة تأهيل، كون أن عمره الافتراضي انتهى منذ سنوات.
وبين سلمان أن أرضية الملاعب بشكل عام يفترض أن تكتسي بالعشب الاصطناعي الأخضر، إلا أن الناظر إليها يرى أنها مليئة بـ"الكوشوك" الذي يقف عائقا أمام الفرق في إجراء التدريبات اليومية والمباريات إلا في الفترات المسائية بعد أن تغيب أشعة الشمس، نظرا لارتفاع درجة حرارة الأرضية بشكل كبير.
مواصفات دولية
على الطرف الآخر، يرى المدافعون أن التجارب الأخيرة لزراعة الملاعب بالعشب الاصطناعي أثبتت نجاحها مع توالي أجيال هذه العشب، وظهور أنواع تقترب رويدا رويدا من العشب الطبيعي، ويزرع تحت إشراف وباعتماد كامل من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
وبين المهندس رائد الأطرش -الذي أشرف على مشاريع فرش معظم ملاعب المحافظات الشمالية بالعشب الاصطناعي-، أن العشب الذي يجري تركيبه حاليا في فلسطين هو ذاته المستخدم في ملاعب أياكس أمستردام في هولندا، لافتا إلى أنه يجري تركيبه بإشراف "الفيفا".
وأكد الأطرش في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن عشب ملاعب الظاهرية ويطا بالخليل والجامعة الأمريكية بجنين التي جرى إنجازها مؤخراً يعتبر جيل حديث مقارنة مع العشب الذي يكسو ملعبي الحسين بن علي بالخليل وفيصل الحسيني بالرام، والخضر ببيت لحم .
نقطة نظام
ولفت إلى أن طبقة المطاط المستخدمة في ملاعب العشب الاصطناعي هي من المطاط المعالج والمعتمد دوليا حيث يدخل على مكنات حرارية ليتم معالجته ثم يجري فحصه في مختبرات الاتحاد الدولي قبل أن يعطى التصريح للشركات باستخدام في ملاعب كرة القدم، لذا فهو آمن من الناحية الصحية.
وأشار الأطرش إلى أنه يمكن التغلب على ارتفاع درجة حرارة المطاط في الملاعب باستخدام مرشات المياه الموجودة أساساً بملاعبنا الفلسطينية، إلا أنه يجري اهمال هذه الأمر من قبل المشرفين على الملاعب حيث أن درجة حرارة أرضية الملعب تصل في وقت الذروة لـ70 درجة مئوية وهو ما قد يتسبب بإصابات وجروح لدى اللاعبين.
إصابات صعبة
أخصائي الطب الرياضي وإصابات الملاعب الدكتور عادل نصار، بين أن الملاعب المعشبة بعشب اصطناعي تخلف إصابات في أغلب الأحيان تكون صعبة ومتنوعة.
وقال نصار في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن الإصابات تتوزع بين تمزقات عضلية وأربطة من الدرجة الثانية والثالثة، وقطع في الرباط الصليبي وتشنجات وتمزقات في العضلة الضامة وخلافها.
وتطرق إلى موضوع تناول المشروبات الغازية وأثرها السلبي على اللاعبين، مؤكداً أن الغذاء الجيد والمتوازن يعمل كمنشط للجسم ويساعد على العودة السريعة للملاعب بعد الشفاء من الإصابة.
ويتضح مما سبق أن التوجه الحديث لملاعب العشب الاصطناعي، جاء نتيجة قلة تكلفته وسهولة تركيبه والعناية به، وتحمله ضغط مباريات الموسم الرياضي مقارنة مع ملاعب العشب الطبيعي التي تحتاج للصيانة الدورية على مدار العام، وهو أمر مهم لتطور الرياضة الفلسطينية التي تعاني من ندرة الإمكانيات، لكن ينبغي الحرص على تركيب الأجيال الحديثة من هذا العشب التي تقترب بشكل كبير من مواصفات العشب الطبيعي رغم ارتفاع سعرها الذي يصل المتر المربع الواحد منه إلى 120 دولار.
