شهدت فترة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الرئاسية قطع رواتب عدد كبير من موظفي السلطة ونسبة كبيرة منهم كانوا من أبناء حركة فتح نفسها، كما رفض عباس تسليم موظفي غزة رواتبهم رغم توقيع اتفاق بدمجهم في مؤسسات السلطة.
وكانت مصادر فلسطينية ذكرت، أمس أن السلطة الفلسطينية قطعت حتى اللحظة رواتب العشرات من موظفي السلطة بحجة تأييدهم للقيادي المفصول من حركة فتح النائب محمد دحلان أو ما يعرف باسم "المتجنحين".
وقالت المصادر، إنه قد تم كمرحلة أولى قطع رواتب العشرات من أنصار دحلان الذين فوجئوا بعدم نزول رواتبهم في البنوك، فيما سيتم خلال الشهور القادمة قطع رواتب آخرين على دفعات وأن القائمة النهائية تشمل 2000 من موظفي السلطة، حسب زعم تلك المصادر.
مصادر أخرى قالت: "أنه قد تم فعلا قطع رواتب 850 شخصاً من غزة والضفة والشتات، ولم يتسن حتى اللحظة التأكد من صحة العدد".
من جهته، أكد مختص في الشأن القانوني أن قطع الرواتب جريمة يعاقب عليها القانون، وانتهاك جسيم لحقوق الموظف العام التي يكفلها القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الخدمة المدنية وقانون الخدمة في قوى الأمن الذين وفرا جملة من الضمانات والتي تكفل حق الموظف في الحصول على راتبه.
كما أكد مدير مركز مسارات صلاح عبد العاطي في تصريح لـ"فلسطين الآن"، عدم جواز استقطاع رواتب الموظفين أو الحجز عليه أو قطعه إلا وفقاً لإجراءات محددة بنص القانون، وبما فيها تمكين الموظف من الدفاع عن نفسه في حالة اتهامه بمخالفة إدارية كانت أو جزائية.
واعتبر عبد العاطي أن هذه الانتهاكات تتعارض مع جملة معايير حقوق الإنسان الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين، كما أن هذه السياسية تشكل انتهاكاً مركباً لحقوق الإنسان حيث لا يقف أثار هذه السياسة على انتهاك حق الموظف في تلقي أجره بل يطال مستوى معيشة أسرته وحقهم في مستوي معيشي لائق، ويطال الحقوق والحريات المكفولة للموطنين والموظفين.
وطالب القانوني، السلطة الفلسطينية بضرورة العدول عن هذا القرار، وإعادة رواتب الموظفين التي قطعت، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، حتي لا تكون لقمة عيش الناس رهينة لإجراءات تعسفية وفي إطار الصراع السياسي، على حد قوله.
ويرى عبد العاطي أن المصالحة الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس الشراكة الوطنية الكاملة هي المخرج من كل الأزمة التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني، ومحنة انتهاك الحقوق والحريات المستمرة بسبب التفرد والتغول من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية والتشريعية.
يشار إلى أن موظفي حكومة غزة لم يتلقوا رواتبهم بصورة كاملة ومنتظمة منذ أكثر من عامين، فيما تصرف دفعات مالية شهرية لهم لا تتجاوز 300 دولار أميركي، تعادل 45% من قيمة الراتب الأساسي للموظف.
وظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال فيلم وثائقي ليتحدث عن وصية تلقاها من الرئيس ياسر عرفات قبل مماته في العاصمة الفرنسية باريس، حيث تحدث عباس قائلاً "اتصلي بي الرئيس عرفات من باريس وقال لي يا أبو مازن "تنسوش رواتب الناس .. فبكيت". على حد قوله.
من جهته، دعا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، رئيس السلطة محمود عباس إلى إعادة رواتب 850 فتحاويا قطعت رواتبهم مؤخرا وإعادة كل الرواتب المقطوعة.
وقال القيادي الفتحاوي زكي على صفحته على الفيس بوك، أن هذا الإجراء والموقف لا يعبر عن حرص ولم شمل الحركة، مؤكدا أن "هذا موقفي كعضو لجنة مركزية، ولن أتنازل عن هذا الموقف ولا أقطع الرواتب والتلاعب في قطع الأرزاق جريمة".