"الألتراس" أو "الأولتراس".. مفردات باتت متداولة بشكل واسع منذ سنوات على صعيد الرياضة المحلية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، الأمر الذي دفع محبي الفرق الجماهيرية لتشكيل روابط تشجيعية تتواجد على المدرجات في كل الأحداث الكروية.
وليكن معلوما أن روابط "الألتراس" تعني المتطرفين باللاتينية، خاصة أن دول أمريكا اللاتينية كانت المهد الذي شهد ولادة هذه الظاهرة في العام 1940، وتهدف مجموعات المشجعين المعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها إلى رسم لوحات إبداعية على المدرجات لتحفيز اللاعبين على تقديم أفضل المستويات وجلب النتائج الإيجابية.
وفي الآونة الأخيرة، أجبرت تصرفات بعض الجماهير وروابط "الألتراس"، عددا من الأندية على التنصل منها، في ظاهرة باتت تحدث كل موسم في الكرة الفلسطينية، حيث تعرضت الأندية لعقوبات من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بناءاً على تصرفات جماهيرها، أضحى واقعا لابد أن يمر به أي فريق فلسطيني مع الأخذ في عين الاعتبار وجود استثناءات.
فاكهة المدرجات
حارس مرمى المنتخب الوطني ونادي شباب الخليل غانم محاجنة، قال في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن كرة القدم في السنوات الأخيرة تلعب لإمتاع الجماهير، وهي الرافعة المتينة والحاضنة الدافئة للاعبين، لافتاً إلى أن جماهير الفريق تمثل فاكهة المدرجات بالدوري الفلسطيني.
وأضاف محاجنة، الذي لعب لأكبر قاعدتين جماهيريتين في الضفة "شباب الخليل" و"شباب الظاهرية" أن أغلب الهتافات وأساليب التشجيع كانت وطنية وحضارية.
ووافق مدافع شباب الظاهرية محمد خطيب، رأيه رأي محاجنة في أهمية تواجد مشجعي الفرق بالمدرجات، مبيناً أنه وقت تمثيله لنادي سلوان المقدسي، كان التراس سلواني يرسم وجه جميل للفكرة، التي يحملها الفريق والرسالة التي يؤديها بأنه نادي فلسطيني يتخذ من علم فلسطين قميصا رسميا له رغم مضايقات الاحتلال الإسرائيلي.
من يقف خلفها
ويقود روابط المشجعين أشخاص أغلبهم من المراهقين والجهلاء، دون نسيان التطرق لوجود بعض المتعلمين والعقلاء المتواجدين في المدرجات، وبكل أسف نجد التصرفات غير المسؤولة حاضرة بقوة في المدرجات، وهو ما يؤثر على الأجواء داخل "المستطيل الأخضر" مما ينعكس بشكل سلبي على واقع المباراة بشكل عام، الأمر الذي يضع جميع الروابط تحت طائلة المسؤولية للحد من بعض الأفعال "الصبيانية"، التي تصل أحيانا لشتم لاعبي الفريق نفسه، تعبيرا منهم عن عدم الرضا عن الأداء.
بدوره أرجع المعلق الرياضي براديو وتلفزيون أمواج، هشام معمر، حالة الاحتقان والتصرفات اللامسؤولة بين روابط الألتراس بالدوري الفلسطيني إلى عدة أسباب، أبرزها ضغوط نفسية داخلية وتراكمها من احتلال وصعوبة في المعيشة، والوضع الاقتصادي السيئ، إضافة إلى قلة الثقافة وغياب التعليم عند بعض الجماهير، مما أفرز عدة ظواهر سلبية في هذا الإطار.
وأكد معمر في حديثه لـ"فلسطين الآن" أن مبادرات منع العنف في الملاعب المحلية لم تحقق أدنى نجاح، منوهاً إلى أن السبب يعود إلى غياب الإرادة من الجماهير والإصرار على تكرار الخطأ.
في حين ترى الإعلامية العاملة بالشأن الرياضي المحلي تغريد العمور، أن هناك شخص واحد فقط يمكنه أن يقلب مزاج المدرج تجاه التعصب والهتافات الخارجة عن السياق في المباريات المحلية.
وأشارت العمور في حديثها لـ"فلسطين الآن" إلى أن هؤلاء الأشخاص في أغلب معاول هدم تجاه أركان الرياضة سواء الحكام، أو اللاعبين، أو المواقف الحاصلة في أرض الملعب.
ولفتت إلى أن الإعلام الرياضي تحدث مرارا وتكرارا، مطالباً أصحاب القرار دون استثناء وضع عقوبات رادعة لمجموعات الشغب ومن ثمة التطبيق والتنفيذ، الذي يعتبر الوسيلة الرادعة لجموح الشغب بالملاعب، وتحديدا الدربيات بين فرق المدينة نفسها، موضحة أن عدة مبادرات للحد من ظواهر العنف والشغب بالملاعب دشنت دون جدوى، لأن جلها أحادية الطرف وجاءت دون تعاون مشترك لذلك نهايتها كانت صفر كبير.
سباب وشتائم
ومن جانبه، أوضح الصحفي الرياضي بجريدة الرسالة وموقع الرسالة نت فادي حجازي، أن السباب والشتائم عادة غريبة تسيطر منذ سنوات على الملاعب الفلسطينية عامة، والغزية خاصة.
وقال حجازي في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أنه بات واضحاً للعيان أن روابط الجماهير تحرص على استفزاز خصومهم بطريقة غير أخلاقية، وإيذائهم بأفظع الألفاظ، وهو ما اشتكى منه عدد كبير من اللاعبين والحكام، بينما يخرج آخرون عن صمتهم في اللقاء باستخدام حركات غير لائقة للجماهير، وهو ما يتسبب بطردهم من اللقاءات، ويقعون ضحية للاستفزازات الخاطئة.
وتساءل حجازي أنه رغم أن الأمور واضحة ومسموعة لدى الجميع خلال المباراة، لماذا لا نرى حكما يوقف أحد اللقاءات في الدوري المحلي؟، لضمان سكوت الجماهير والحرص على التشجيع المثالي.
وأضحى السيطرة على الجماهير بأعدادها الكبيرة، مطلباً ملحاً لكي لا تقع حوادث لا تحمد عقباها في الملاعب المحلية، حيث بات مطلوبا من الروابط تشكيل مجموعة تتفرق بين المشجعين لتوعيتهم بطريقة الهتاف البناء، وإلا ستكون العقوبات من نصيبهم بجانب الفريق، الأمر الذي سينعكس بشكل سلبي على مشوارهم في الدوري.