في انتفاضة الحجارة عام 1987م في معظم أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة التي قادها شعب ثائر يرفض الظلم والاحتلال، كانت انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية بهدفها الأبرز والأوحد تحرير فلسطين.
وكانت الوسيلة هي نهج المقاومة فرسخته كثقافة وطنية يؤمن بخيارها كل الشعب، لتتواصل المسيرة بدءاً بالحجارة والسكين مروراً بالسلاح وصولاً إلى الأنفاق الهجومية وصناعة الصواريخ والطائرات.
وفي الوقت الذي سبقت فيه طائرات القسام وصواريخها مطلقيها ووصلت إلى كامل أراضينا المحتلة، بات الفلسطينيون أكثر يقيناً بالعودة والتحرير، فيما أصبحت دولة الاحتلال أكثر إدراكاً لقرب نهايتها.
نهج المقاومة
جاءت حماس في وقت كان كيان الاحتلال في نظر ساسة المنطقة وحشاً كاسراً يهاب الجميع غضبه، ويتحاشون مواجهة "الجيش الذي لا يقهر"، وفق ما روّجه الاحتلال عن نفسه.
ومع اندلاع انتفاضة الحجارة، عملت الحركة على تطوير أساليب المواجهة مع الاحتلال، وتسليح الانتفاضة بما أبدعته رغم قلة الإمكانات، لتحتدم المواجهات وتتصاعد العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال.
وفي ظل تعرض الانتفاضة إلى محاولات كسر وقلع شوكة المقاومة، إلا أن حماس رفضت التخلي عن نهج المقاومة لصالح التسوية مع الاحتلال، فلم تترك السلاح ولم تستسلم لمحاولات التذويب والترويض، فاستمرت حركة مقاومة في تطور مطّرد.
وعلى الرغم من الفرق الكبير بين قوة ترسانة الاحتلال أمام الشعب الفلسطيني، إلا أن حماس تمكنت من تحقيق المعجزات بصناعة ترسانتها العسكرية بإمكانات ذاتية ومحلية كان خلفها عزيمة رجال أقوى من الجبال.
صواريخ محلية والعبوات
ومع انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000م، تصاعدت المقاومة المسلحة، لتتنوع وسائلها وتتجاوز ما توقعه الاحتلال من عمليات إطلاق نار وزرع عبوات وعمليات استشهادية، ليأتي ما لم يكن في الحسبان.
وبرزت الصناعات العسكرية القسامية ما بين العبوات الأرضية المضادة للدروع والأفراد، وقذائف الهاون، والقنابل اليدوية وغيرها من أسلحة خفيفة ومتوسطة.
وكان لحركة حماس شرف تصنيع أول صاروخ فلسطيني عام 2001، أطلقته تجاه مغتصبة سيدروت شمال غزة، وأتبعته بجهد بليغ لتطوير هذه التجربة وتوسيعها حتى ضربت مدينة حيفا شمال فلسطين.
ومع اشتداد عدوانية الاحتلال والصراع معه خطت كتائب القسام الذراع العسكري للحلكة أسلوب حفر الأنفاق لاختراق التحصينات والتسلل خلف خطوط العدو وتنفيذ عمليات اقتحام وأسر الجنود، وتفجير أبراج المراقبة والحواجز العسكرية.
قصف القدس و"تل أبيب"
الهدف كان هو دك وجود الاحتلال في قطاع غزة، حتى اندحر شارون وجيشه المهزوم من القطاع عام 2005، بعد أن اعتبر "نتساريم كتل أبيب"، فجعلت المقاومة من الأنفاق الهجومية والصواريخ قاعدة لتغيير منحنى الصراع مع الاحتلال.
ولم يكن اندحار الاحتلال من قطاع غزة عام 2005 بفعل المقاومة وأنفاقها الهجومية، نقطة نهاية في الصراع مع الاحتلال، بل شكل قاعدة انطلاق لتعميم المثال الغزي على كامل الأراضي الفلسطينية.
وتعد حماس أول حركة مقاومة مسلحة في تاريخ الصراع تقصف مدينتي القدس وتل أبيب بصواريخ محلية الصنع خلال معركتي حجارة السجيل عام 2012م، والعصف المأكول عام 2014م.
طائرات أبابيل
كما أنها هي أول حركة بل جهة عربية تصنّع طائرة (بدون طيار) وسيّرتها فوق الأراضي المحتلة، وحملت اسم "أبابيل"، حيث تركزت طلعاتها الجوية في معركة العصف المأكول على مهام الاستطلاع والقصف.
واستبسلت حماس للدفاع عن غزة في ثلاث حروب طاحنة، وعدة حملات عسكرية، وصمدت مع شعبها تحت حصار تاريخي حتى باتت غزة محط أنظار أحرار العالم في صمودها وثباتها.
واعتبرت حماس في تاريخ صراعها مع الاحتلال قضية الأسرى على رأس أولوياتها فعلمت من أجل حريتهم فنفذ مجاهديها 26 عملية أسر أو محاولة أسر، لتنجح في صفقة وفاء الأحرار عام 2011م، بتحرير 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ثم أسر الجندي شاؤول آرون شرق حي التفاح خلال العدوان الأخير صيف 2014، وما خُفيّ أعظم.
الأنفاق وأسر الجنود
وهذه هي حماس بدأت بالسكين والحجر ثم عوزي حماس والكارلو ثم الحزام الناسف والعبوات الناسفة ثم قاذفات الهاون والأني رجا والصواريخ من البتار حتى البنا حتى القسام إلى M75، وسجيل 55، وr160، وطائرة أبابيل وبندقية غول وصاروخي شمالة والعطار في الأفق القريب.
ولا تزال حماس ثابتة على منهجها المقاوم الذي أعلنته في بيانها الأول ورغم المحاربة وكل الضغوط قدمت التضحيات وبذلك ولا زالت تبذل كل جهد لتعزيز المقاومة وتطوير أساليبها، سائرة نحو هدفها تحرير فلسطين في موعد قريب ورافضة لكل مشاريع التسوية والتنازلات.