مرير ومؤلم هو حال المتقدمين لامتحانات نهاية الفصل الأول من العام الدراسي 2016 – 2017م، من الطلبة الدارسين في شتى مدارس ومعاهد وجامعات قطاع غزة، في ظل وجود أزمة انقطاع التيار الكهربائي، والتي تشتد يومًا بعد يوم دون مراعاة أبسط حقوق هؤلاء الطلبة في الحصول على بيئة تعليمية تكفل لهم حقهم في التعليم.
"فلسطين الآن"، تسلط الضوء على معاناة الطلبة في قطاع غزة في ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة والتي أصبحت بالكاد تصل بيوت المواطنين لساعتين في اليوم الواحد، مستعينين ببدائل لم تَعدُ تجدي نفعًا كما السابق مثل "اللِّدات" والمصابيح الكهربائية وغيرها.
دراسةٌ شاقة
الطالب بكلية المحاسبة في جامعة الأقصى، محمد سمارة، أكد لمراسلنا، أن ما يعانيه في الدراسة للاختبارات وصل إلى حدٍّ لا يطاق "فلم يتبقَ لاختباري التطبيقي والعملي على برنامج الأصيل المحاسبي إلا أقل من يوم، والكهرباء لم تصل بيتنا في حي الشجاعية لأكثر من ساعتين في اليوم".
وتساءل الطالب سمارة "كيف سأشحن جاهز الحاسوب.. ومتى سأنام.. ومتى أستيقظ.. ومتى ستنتظم الكهرباء حتى أنظم جدول الدراسة؟!".
ويضيف "طوال الفصول الماضية في الجامعة وأنا أحصل على الترتيب الأول على طلاب دفعتي، وأستبعد هذا الفصل أن أحافظ على معدلي بسبب هذا الواقع المرير".
"بدنا حل"
ويطالب سمارة شركة الكهرباء بالتخطيط الجيّد لحل أزماتها، مستغربًا من آلية عمل الشركة طوال السنوات الماضية، داعيًا الشركة للتعلّم من أخطائها والإسراع في عمل حلول إنسانية تسعف الطلبة على مواصلة مسيرتهم التعليمية.
أما طالبة الثانوية العامة، مجد التتر (18 عامًا)، والتي تسابق الزمن وهي تقلب صفحات كتابها المدرسي، وتقتنص منه أهم المعلومات، في محاولة لاغتنام كل دقيقة مازال فيها ضوء الشمس يعمُّ غرفتها، قبل أن يغرقها المساء في ظلامه الدامس ويمنعها من إكمال دراستها في ظل أزمة انقطاع الكهرباء الحادة التي يعاني منها القطاع المحاصر.
وتقول التتر لمراسلنا "المنهاج زخم، والدراسة تحتاج لأجواء من الراحة والهدوء، و4 ساعات من وصل التيار لا تكفي لإنهاء دراستي".
وأما عن بدائل الإنارة، فتوضح "لا بديل أمامنا خلال انقطاع الكهرباء سوى إضاءة اللدات، واليوم مع اشتداد الأزمة فإن ساعات وصل الكهرباء لا تكفي لشحن البطارية، وإن جاءت فتأتي في وقت نومنا ولا أستفيد منها في دراستي".
وكانت شركة توزيع الكهرباء بمحافظات غزّة أعلنت عن زيادة عدد ساعات قطع التيار الكهربائي ليصل إلى 20 ساعة يوميًا، في وقت لا تتجاوز فيه ساعات الوصل (4 ساعات) في اليوم، متذّرّعة بزيادة الأحمال على الشبكة وعدم كفاية كميات الكهرباء المتوفّرة.
ويعاني قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات من أزمة كهرباء كبيرة، بدأت عقب قصف "إسرائيل" لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006، وعدم وجود خطط لتطوير شركة توليد الكهرباء بما يتوافق مع ازدياد استهلاك الكهرباء، بفعل الازدياد السكاني وزيادة المصانع والمنازل والمؤسسات.
#كهرباء.. هاشتاج يغزو المواقع
واختلفت ردود فعل روّاد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول أزمة الكهرباء، في تحميل مسؤولية التقصير ما يحدث أصحاب القرار السياسي، ومنهم من حمّل المسؤولية لشركة الكهرباء.
الناشط الشبابي، محمد سامي، بيّن لـ "فلسطين الآن"، أن التساؤل الأكبر الذي يدور هنا على مواقع التواصل الاجتماعي هو متى ستنتهي هذه الأزمة؟ ومن الذي يتحمّل على مدار 10 سنوات تكرار الخطأ نفسه دون الاجتهاد على وضع حلول لهذه الأزمة المؤرقة؟.
وعبّر عن استياء الأهالي من هذه الأزمة، التي حوّلت نهارهم ليلًا وليلهم إلى نهار، مشيرًا إلى أن الشعب المحاصر في غزة أصبح ينتظر ردًا شافيًا من أصحاب القرار في حل هذه الأزمة.
وحذّر الناشط الشبابي، من تفاقم الأزمة التي من الممكن أن تجعل الناس يهبّوا في وجه شركة الكهرباء، معللًا أن الناس ملّت الوعود وتصريحات شركة الكهرباء وأصبح الناس ينتظرون حلولًا عملية تخفف من حدة الأزمة.
شركة الكهرباء
من جانبها، كشفت بعض التصريحات لشركة توزيع الكهرباء في غزة، قبل أيام قليلة، والتي جاءت على لسان، مدير الإعلام والعلاقات العامة في الشركة، طارق لبد، عن وجود آلية جديدة في بداية عام 2017 لإجبار المواطنين على الدفع.
وأضاف لبد "لا يجوز أن يكون مواطن لا يدفع الكهرباء ويستهلك كمية كبيرة وتصل فاتورته إلى 1000 شيكل، فيجب عليه الالتزام مع المواطن الذي يدفع حتى يكون تخفيف على الأحمال".
ولفت إلى أن هنالك سياسة وتوجه جديد لإلغاء ثقافة عدم الدفع في بداية العام الجديد، وأشار إلى أن "26" مليون شيكل كمية الجباية في مختلف محافظات القطاع، موضحاً أن كل شهر تدفع الشركة 22 مليون شيكل ثمنًا للوقود.
ورفض المجلس التشريعي مؤخرًا في جلسته بغزة، اقتراحًا باعتبار فاتورة الكهرباء "سندًا قانونيًا" ملزمٌ صاحبه بدفعه.