احتلت تسريبات تقرير مراقب الدولة في "إسرائيل" مساحات واسعة من صفحات الصحف العبرية خلال الساعات الماضية، والتي أظهرت مدى حالة الصدام والاحتقان التي سادت النقاشات خلال جلسات "الكابينت" إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2014.
ووصف رئيس حزب البيت اليهودي وعضو "الكابينت" إبان الحرب الأخيرة على غزة نفتالي بينت التقرير بـ"الهزة الأمنية القوية"، فيما اعتبر وزير الحرب السابق موشيه يعالون نشر تسريبات جلسات "الكابينت" إبان العدوان على غزة بأنهم وزراء يريدون جمع "اللايكات" في فيسبوك.
نشر التسريبات تلك في ظل استمرار مسلسل التحقيق في ملفات الفساد التي تورط بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يدفع للتساؤل عن الهدف من توقيت نشر تلك التسريبات، وهل ستشكل (تسريبات تقرير مراقب الدولة وملفات الفساد) نهايةً حتمية لمستقبل نتنياهو السياسي.
سقوط متوقع
المختص في الشأن الإسرائيلي محمد مصلح رأى أن العديد من الأحزاب والشخصيات في "إسرائيل" تنتظر سقوط نتنياهو السياسي بفارغ الصبر، ويجدون في ملفات الفساد التي يتم التحقيق معه بها، ونشر تسريبات من تقرير مراقب الدولة عن حرب 2014، فرصةً قوية ونادرة يمكن أن تتسب في إسقاطه.
وقال مصلح في حديث خاص لـ"فلسطين الآن": "هناك تخوف كبير من قبل الرأي العام الإسرائيلي بألا يتم نشر التقرير، لأن أكثر من جهة ستتحمل مسؤولية الإخفاق خلال الحرب، منها حكومة نتنياهو والمستوى الأمني في "إسرائيل" الذي لم يكن لديه معلومات كافية عن الأنفاق، وقدرات المقاومة في غزة، ناهيك عن إخفاء معلومات حول الجنود الذين وقعوا في الأسر.
وبين مصلح أن التنازع في المسؤولية والثأر القديم، بين حزب البيت اليهودي وحزب إسرائيل بيتنا، سيصب في صالح نشر التقرير للرأي العام، فالكل لديه حسابات شخصية من نتنياهو ويريدون إضعاف حكمه وإسقاطه سياسياً.
من جانبه، توافق المختص في الشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد مع سابقه، في أن نشر تقرير مراقب الدولة كفيلٌ بإسقاط نتنياهو، فالإعلام العبري حديثه الدائم هذه الأيام، عن زلزال أمني بخصوص التقرير.
وأوضح مقداد في حديثه الخاص لـ "فلسطين الآن": أن التقرير يظهر التخبط الكبير في التقديرات التي أقرها نتنياهو و"الكابينت" الإسرائيلي خلال الحرب على غزة عام 2014، متوقعاً أن ينشر التقرير للرأي العام الإسرائيلي قريباً بعد أن مر بعدة مراحل.
خوف نتنياهو
فيما اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل في مقال تحليلي نشره بتاريخ 23 يناير الجاري، أن نتنياهو سيكون أكثر الشخصيات المتضررة من نشر التقرير، ويخشى (نتنياهو) أن ينتقل النقاش في وسائل الإعلام الإسرائيلية من شبهات الفساد ضده إلى تقرير مراقب الدولة، انتقال سيشكل مس بعامل أساسي كان سر نجاحه المتتالي في الانتخابات الإسرائيلية ألا وهو العامل الأمني.
وتقرير مراقب الدولة هو نتاج عامين من التحقيق أجراه مكتب القاضي المتقاعد يوسف شابيرا والطاقم التابع له حول الحرب على غزة عام 2014، والنسخة الأولية التي سلمت قبل عدة شهور للأفراد ذوي العلاقة بالتقرير كان فيها انتقاد شديد لأدائهم، وهو الأمر الذي أثار التوتر بين مراقب الدولة ومكتب نتنياهو وشخصيات عسكرية رفيعة في الجيش الإسرائيلي.
وكانت تقارير عبرية رجحت أن يكون تقرير مراقب الدولة عن حرب غزة 2014، أشد من تقرير لجنة فينوغراد، الذي انتقد أداء حكومة أولمرت على أدائها خلال حرب لبنان الثانية في صيف 2006، والذي أدى آنذاك إلى استقالة رئيس هيئة الأركان دان حالوتس.