تثير الأحداث المؤسفة التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية في نابلس، المخاوف من عودة حالة الفوضى والفلتان، إلى المدينة.
فخلال الأسبوع الماضي، تعرض عدد من التجار لعملية سطو مسلح، وإطلاق نار عليهم وعلى سيارتهم، في محاولة لسرقة ما معهم من أموال.
كما أطلق مسلحون مجهولون الرصاص على عدة مؤسسات مجتمعية في مخيم بلاطة، احتجاجا على اعتقال أجهزة السلطة لمطلوبين لها مؤخرا.
لكن ما أحدث ضجة كبيرة وردود أفعال غاضبة، هو مقتل الشاب فؤاد عيد طعنا خلال شجار وقع أول أمس الخميس على دوار الشهداء وسط نابلس.
وروى شهود عيان لـ"فلسطين الآن" تفاصيل الحادثة، موضحين أن المغدور يعمل مع المجموعات السياحية الأجنبية، إذ يستقبلهم وينظم لها جولات في البلدة القديمة بنابلس مقابل أجر مالي.
ويوم الحادثة وقعت مشادة بينه وبين مدرس لغة إنجليزية اتهم المغدور بـ"سرقة زبائنه"، فأقدم ابن الأستاذ على طعن الشاب عيد، وأصابه بجراح خطيرة، لم تفلح معها محاولات إنقاذ حياته.
لا رحمة مع المعتدين
وعلى ضوء ذلك، أصدر محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب تصريحاً صحفياً، أوضح فيه أن المستويين السياسي والأمني يتابعون عن كثب وباهتمام بالغ، الأحداث والاعتداءات الأخيرة، مشيراً إلى أن مسلسل الاعتداءات المدبرة وانتهاك سيادة القانون وإلحاق الأذى بالناس ومصالحهم وممتلكاتهم بات أمراً لا يمكن السكوت عليه.
وكانت عدد من مؤسسات ومراكز ثقافية ومجتمعية في مخيم بلاطة قد تعرضت لإطلاق نار، وهي: مركز يافا الثقافي، ومقر لجنة خدمات مخيم بلاطة، وعيادة الخدمات الطبية العسكرية في المخيم وكنيسة بئر يعقوب المحاذية للمخيم.
وتوعد الرجوب مطلقي النار على المؤسسات العامة والخاصة بالقول: "لقد وصل السيل الزبى ويجب على هؤلاء المجرمين أن يعلموا أن تلك الاعتداءات الإجرامية المتمادية التي طالت المواطنين وهددت حياتهم وأمنهم لن تمر مرور الكرام، ولن تقيد ضد مجهول، فقد ولى هذا العهد منذ زمن إلى غير رجعة، ولا وجود لحصانة لأي معتد أو منتهك للقانون مهما كان موقعه، وليس بعيدا ذلك اليوم الذي سيجد فيه هؤلاء المجرمون مثيري الأحداث المشبوهة أنفسهم في قبضة أجهزتنا لكي يقدموا للقضاء لينالوا عقابهم الذي يستحقونه".
وتوجه الرجوب لعائلة وذوي الشاب عيد بالتعزية الحارة، معرباً عن تضامنه ومواساته لهم في مصابهم الجلل، مؤكداً أن نابلس لن تصمت على اعتداءات بعض المارقين الجبناء الذين يخرجون كالخفافيش في عتمة الليل ليمارسوا حقدهم الأعمى على المواطنين والمؤسسات وبيوت العبادة دون تمييز.
وقفة احتجاجية
وبعيدا عن الموقف الرسمي، وتضامناً مع عائلة المغدور عيد، أطلق في نابلس تجمع شعبي للمطالبة بوقف حالة الفلتان، مطالبين الرئيس والسلطة بتطبيق حكم الإعدام في فلسطين لكي تتحقق المحاسبة العادلة!.
وأعلن المحتجون عن تنظيم وقفة تضامنية سلمية الاثنين المقبل أمام محكمة نابلس، تضامنا مع من فقدوا حقهم في الحياة، وتنديدا بمن سلبوا هذا الحق، "حيث أنهم يأملون أن تكون وقفتهم أمام المحكمة ورسالتهم كافية لإيقاف ما يحدث من فلتان وسفك للدماء".
وختموا بقولهم "عيد هو أحد الشباب الطموحين، المثقفين، المحبوبين.. ولكن للأسف تم قتله وقتل أحلامه بدم بارد!! وهو ليس الوحيد الذي يقتل هكذا، فهنالك العديد من الشبان تعرضوا أو من الممكن أن يكونوا مكانه، إذا لم يكن هناك رادع للقتلة".
فؤاد يروي قصته
أصدقاء الفقيد، كتب وكأنه "فؤاد"، واصفاً حاله قائلاً "تعلمت الإنجليزية، وأحببت السياح الأجانب وبدأت أنسج صداقة مع بعضهم، وأتجول معهم في أنحاء بلدي فلسطين.. وجادوا علي بكرمهم وأعطوني الإكراميات.. ما ساعدني في دراستي الجامعية".
يتابع "لم أكن أريد من هذه الدنيا إلا العيش بسلام مع إخوتي وأختي التي عرسها بعد شهرين.. وعدت أمي في هذا اليوم أنني عندما أعود سأعطيكي خمسين دولارا، فكان لي موعد مع بعض الأجانب.. لكن هذا لم يرق لبعض الوحوش الذين ظنوا أن الرزق بالقوة والعضلات... حتى جاء أحدهم بسكين الغدر والحسد".