لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار اليومي المتكرر صوب المزارعين على الحدود الشرقية لقطاع غزة، خصوصًا شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، حتى تعمّد رش مبيدات أعشاب على المحاصيل الزراعية، مما دمّر مساحات كبيرة في المحاصيل كبدت المزارعين خسائر فادحة.
للعام الثالث على التوالي يتعمد الاحتلال على رشّ المناطق الحدودية عبر طائراته بالمبيدات الضارة بالزراعة الغالب عليه الخضروات إضافة إلى ما يقال عنها بالزراعة الناعمة "السبانخ والجرجير والبقدونس"، مما راكم ديون المزارعين وزاد من أعبائهم خلال هذه السنوات، كما أفادوا خلال حديثهم لـ"فلسطين الآن".
خسائر كبيرة
المزارع صالح النجار أحد المتضررين من مبيدات الاحتلال شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، أوضح خلال حديثه لـ"فلسطين الآن" أن طائرات الاحتلال رشت في نهاية يناير الماضي مبيدات قرب الشريط الحدودي في منطقة القرارة بالتحديد، منوهًا أن الاحتلال يدعي أن هذه مبيدات للأعشاب.
وأفاد النجار أن هذه المنطقة تحتوي على سلة غذائية متكاملة، يزرع فيها جميع أنواع الخضروات إضافة إلى الزراعة الناعمة كالجرجير والسبانخ والبقدونس وغيرها، مؤكدًا أن محاصيل الخضروات تدمرت بنسبة 120%، عدا عن الأضرار التي لحقت المحاصيل الأخرى بنسبة 80 %، كما بين.
يمسك المزارع النجار أوراق السبانخ المتضررة بيده وينظر إلى عشرات الدونمات بكل حسرة، ويقول: "بدأ يموت، مع السلامة"، وأضاف: "آلاف الدونمات تضررت، وأنا أزرع 60 دونمًا للسبانخ كل دونم يكلف حوالي 2000 شيكل".
وتابع: "حجم الخسائر التي تعرض لها المزارعون على طول الحدود كبير جدًا، فأقل مزارع خسر من 30 إلى 40 ألف شيكل، ولم يتبق لنا كمزارعين إلا أن نبيع بيوتنا حتى نسد ديوننا أو ندخل السجون".
واعتبر النجار أن الاحتلال يتعمد رش المبيدات كسياسة تهجير للمزارعين من أراضيهم، مؤكدًا "لن نهجر من أراضينا حتى آخر رمق"، منوهًا "لنا ثلاث سنوات على هذا الحال ولكن لا أحد يبحث عنا ولا أحد يسأل عن المزارعين ولا حياة لمن تنادي".
محاربة وتدمير للزراعة
وبدوره أشار المزارع وائل الشامي أنهم كمزارعين في المناطق الشرقية يزرعون حتى يعيلوا أسرهم وعشرات أسر العمال الذين يعملون معهم، منوهًا أن الاحتلال يدعي أنه يملك أعشاب فيقوم برش المبيدات على الحدود متعمدًا في إنهاء السلة الغذائية على الشريط الحدودي وتدمير الاقتصاد.
وقال: "الاحتلال عنده الكثير من الوسائل ليحل مشاكله، ولكن أن يستخدم طائرات لرش مبيدات على مساحات صغيرة، فهذا متعمد لينهي الزراعة على طول الشريط الحدودي ويدمر الزراعة والاقتصاد، ويعيدنا إلى العيش تحت كنف الاحتلال ونستورد من الاحتلال".
وناشد المزارع المتضرر وزارة الزراعة عبر الصليب الأحمر الوقوف بجانب المزارعين وقفة جادة خصوصًا مع استمرار المشكلة عدة سنوات وتراكم الأضرار، وقال: "نحن نناشد الزراعة عبر الصليب الأحمر أن يقف معنا وقفة جادة في، الاحتلال رش العام الماضي والذي قبله وهذا العام، نحن لا نريد أن نكتب حبر على ورق ونضعه في الأدراج، نريد وقفة جادة".
وتابع بقوله: "نحن نريد الزراعة تنسق مع الصليب أن يقفوا في هذا الموضوع، لأننا تدمرنا، وأقل مزارع عليه دين 30 ألف شيكل، وإذا مصيرنا نزرع ونقلع ثم مصيرنا إلى السجون، لا نريد الزراعة".
تضرر 12000 دونم
ومن جانبها أكدت وزارة الزراعة خلال جولة نفذتها على الحدود الشرقية لمدينة خانيونس عقب رش الاحتلال للمبيدات، أن حوالي 12000 دونم لحقت بها أضرار كلية أو جزئية.
وأشار مدير عام وقاية النبات في وزارة الزراعة وائل ثابت أن أغلب المحاصيل المتضررة حقلية وورقية مثل السبانخ والبازيلاء والجرادة والقمح والشعير.
ونوه ثابت أن الصليب الأحمر أبلغ أن عمليات الرش ستتم ما بين الخامس والعشرين من ديسمبر والخامس من يناير، ولكن الاحتلال نفذها في الأول والثاني والخامس من يناير شرقي شمالي القطاع في "بيت لاهيا وبيت حانون"، ونفذها في نهاية يناير شرق خانيونس، مما فاجأ المزارعين، وهذا ما أكده المزارعون.
واعتبر أن ممارسات الاحتلال التي أدت إلى أضرار كبيرة وخسائر لدى المزارعين، نفذها الاحتلال تحت حجج وذرائع أمنية مستغلًا اتجاه الريح من الشرق إلى الغرب، مما تسبب في تطاير رذاذ المبيدات على مسافة وصلت لحوالي كيلو و200 متر تقريبًا غرب الشريط الحدودي داخل القطاع.
وأكد ثابت توجه الوزارة لمؤسسات دولية وحقوقية بشأن الأضرار التي تسبب فيها الاحتلال جراء رش المبيدات قرب الحدود.