جدرانٌ قديمةٌ بالية متهالكة لا تسرُّ من ينظر إليها، وأعمدةٌ مهترئة، وسقفٌ سقطت حجارته على الأرض وتمتدّ فيه التشققات من عدة جهات وأماكن، في بيتٍ صغيرٍ يضمّ عائلة المواطن أشرف الخواجا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لم يشفع له صغره أمام الانهيارات والتشققات التي تتوالى عليه.
في غمرة الفرح ولعب الأطفال تسقط أجزاء كبيرة من حجارة السقف، تسلبهم السرور والهدوء والطمأنينة في فناء منزلهم، فلم يعد آمنًا للعبهم كما لم يكن مأوى لبرد الشتاء وقسوته، هكذا يعيش عشرة أفراد في أجواء من الخوف والذعر داخل منزلهم المهدد سقفه بالسقوط بسبب بنائه القديم، عدا عن القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له المنطقة خلال العدوان الأخير.
ينظر صاحب المنزل المهدد أشرف الخواجا 45 عامًا إلى منزله في مخيم الشابورة بكل حسرة وألم، بعد الكثير من المناشدات التي لم تؤدِ إلى نتيجة وحل له ولأسرته منذ سنوات، لا سيما وأنه يعيش أوضاعًا اقتصادية ومادية صعبة، لا يستطيع بسببها البناء أو أن يستأجر بيتًا آخر.
مهدد بالسقوط
وخلال حديث "فلسطين الآن" مع المواطن الخواجا، أوضح أن بيته قديم وتم بناؤه في الستينيات بدون أساسات، مبينًا أن الباطون المستخدم فيه من الزلف ورمل البحر وليس من الحصمة مما سبب تآكل الحديد المكون للسقف وسقوط أجزاء كبيرة منه، عدا عن التصدعات والتشققات التي زادت أثناء القصف المجاور للمنزل خصوصًا مسجد الفاروق خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأفاد أنه في العدوان الأخير حدث تشققات للمنزل أدت لسقوط حزام باطون أصيب خلاله ابنه وطفلته، وقال: " تقدمنا في طلب للأنروا وجاء المهندسون للفحص وصرفوا لنا مساعدة ضئيلة جدا لا تبني نصف غرفة، وقدمنا طلب آخر وقدموا مهندسون من الوكالة قبل 5 سنوات وكشفوا على البيت، وإلى الآن لا حياة لمن تنادي".
وأضاف: "صباح الاثنين الماضي سقط أجزاء من السقف وكان الأطفال يلعبون في ساحة المنزل وصرخت عليهم وأبعدتهم عن المكان، وبعدها سقط باقي السقف، وأنتم ترون الردم إلى الآن موجود".
ووفق تقرير فحص فني أجرته نقابة المهندسين بمدينة رفح للبيت في تاريخ 30/1/2017م، أكد التقرير أن البيت تم إنشاؤه قبل 50 عام تقريبًا، مبينًا أن الحديد المكون لخرسانة البيت أصابه الصدأ والتآكل بسبب استخدام الزلف ورمل البحر فيه، مما نتج عنه تشققات وتفتتات في خرسانة السقف والأعمدة والكمرات.
وقال التقرير الهندسي: "الوضع الإنشائي للسقف يعتبر خطرًا وآيل للسقوط في أي لحظة ويشكل خطرًا على ساكني المنزل"، مشيرًا إلى صعوبة ترميم المنزل بسبب التشققات والتآكل، وموصيًا بوضع دعامات مؤقتة للسقف لتجنب أي انهيار، إضافة إلى إخلاء المنزل من السكان حفاظًا على حياتهم.
ظروف صعبة ومناشدات
ويعيش المواطن الخواجا ظروفًا مادية صعبة تحول بينه وبين بناء المنزل من جديد أو استئجار منزل آخر، وقال: "أنا عاطل عن العمل منذ 17 عامًا، وعندي أسرة مكونة من 10 أفراد، ووضعي المادي صعب جدا جدا لأنه لا يوجد عمل، وسعيت كثيرًا وبدون فايدة".
وأضاف: "لا يوجد أي فرصة عمل، وهذا سبب ضغوطات نفسية سببت لي أمراضا وأنا الآن معي سكر وضغط وأزمة تنفس، كله بسبب الضغوطات النفسية والوضع المادي".
وعبر عن عدم مقدرته على الأجار في بيت آخر بقوله: "وضعي المادي تعبان جدا ولا أقدر أن أستأجر بيت، ولو أريد ذلك محتاج 250 دولار شهريًا مع الماء والكهرباء، ومن الممكن أن تطول مدة الحل، وكل ما أملكه 600 شيكل شهريًا من الشؤون، والذي عنده قطة لا يستطيع أن يطعمها في ظل هذا المبلغ وعدد أفراد العائلة".
وأكد أنه توجه للكثير من المؤسسات في الوكالة والحكومة ولكن دون جدوى، وقال بكل حزن: " متخوفين جدا في البيت، ولكن الحياة بالنسبة لنا مش غالية والروح صارت رخيصة من الآخر، وعايشين وحاسين حياتنا ليس لها أي قيمة".
وأوضح متابعًا: "من يوم الحدث بعثوا الوكالة باحثة حتى يتأكدوا من الكلام، ورفعت تقرير، وعند المراجعة قالوا لي بعثنا الملف على دائرة الهندسة، وأنا قبل 10 سنوات بعثت لدائرة الهندسة ولكن لا حياة لمن تنادي، وكذلك الحكومة وقالوا إن صار أي شيء ننظر في أمرك".
وناشد المواطن الخواجا رئيس السلطة محمود عباس أن ينظر إلى معاناته بعين الرحمة ويساعد في بناء منزله من جديد ليعيش حياة كريمة آمنة له ولأبنائه، وقال:"أناشد أصحاب الضمائر الحية وليست الميتة أن تساعدنا، لأن الميتة لنا سنوات نتوجه لهم ولكن لا حياة لمن تنادي".
