تعد مدينة رام الله الأغلى في فلسطين من حيث تكاليف الحياة، حيث تشتهر بهذا منذ سنوات، فالمواد الاستهلاكية والعقار والسياحة كلها ترتفع أسعارها عن المحافظات الأخرى، وعلى الرغم من الحركة الاقتصادية الكثيفة في المدينة إلا أن ارتفاعها يأتي بالتوازي مع ارتفاع الاسعار أيضا.
على طرف الشارع المؤدي إلى دوار الساعة في منتصف المدينة، يقضي الأربعيني أبو أحمد والذي يأتي من إحدى قرى الخليل، يبيع ما تيسر له من البضاعة على إحدى البسطات، وبمجرد سؤاله عن ارتفاع الأسعار ضحك وقال: "الأسعار في رام الله كأنا في شيكاغو، إذا ساندويش الفلافل صار ب5 شيقل".
تركز الاقتصاد فيها
تركيز قيادة السلطة الفلسطينية اقتصاد الضفة الغربية في رام الله، وجعلها مقرا رئيسيا للمراكز الحكومية أحد أهم أسباب الإقبال على رام الله، فابن الجنوب أو الشمال يتوافدون إليها من أجل إيجاد فرصة عمل التي لم يعد بإمكانه أن يجدها في منطقته، لزيادة الإقبال على السكن في المدينة رغم غلاء أسعارها.
جنون الأسعار يتمثل حقا في المقاهي والمطاعم وإن كانت بعض السلع الاستهلاكية توحدت أسعارها، خاصة أن مستوى الدخول في رام الله لا يختلف عن باقي المحافظات الفلسطينية، ورواتب الموظفين في الحكومة والمؤسسات الأهلية والخاصة موحدة.
داخل المدينة، تقسمت الأسواق بعد ارتفاع الأسعار، حتى منتصف المدينة اختلفت فيها الأسعار من شارع لآخر، فشارع رُكب وصولا إلى حي الطيرة هو الأغلى على الإطلاق بالمدينة، أما الشارع المؤدي إلى سوق الخضرة التجاري هو سوق عامة الشعب أو ذوي الدخل المحدود.
"هذا السوق هو المكان الذي يمكن لمرتاديه أن يشتروا بسعر الجملة، هنالك ارتفاع بالأسعار واستقرار برواتب الموظفين، تجد الموظف يشتري كيس الأرز بالكيلو هنا بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني حتى يوفر بضعة شواقل"، يقول صاحب محل بيع بالجملة فيصل دَرَس.
ارتفاع الاسعار تراوح في العام 2015 بين رام الله والمدن الأخرى بين 20-25%، كما ترتفع تكاليف الانتاج فيها عن بقية المدن، كما أن ارتفاع أجرة المنازل والعمالة أعلى من غيرها من المدن الأخرى، يحدث هذا مع استمرار نزوح الموظفين والباحثين عن الحركة التجارية الأكثف.
محاولات للسيطرة
وزارة الاقتصاد تحاول باستمرار السيطرة على هذه الأسعار، ففرضت لائحة أسعار استرشادية على السلع الأساسية، وعلى الرغم من ذلك يبقى التلاعب بالأسعار يختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أنه قلما يكون على دراية بقائمة الأسعار الاسترشادية، على الرغم من نشرها على موقع وزارة الاقتصاد بشكل مستمر ومحاولة الوزارة تعميم هذه الأسعار من خلال وسائل الإعلام.
وفي هذا: يقول مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ابراهيم القاضي، "نحن نتمنى أن يلتفت المواطن لهذه القائمة وأن يساعدنا على ضبط الغلاء في الأسواق، إلا أنه من غير المعتاد أن ينظر المواطن بشكل يومي لهذه الأسعار".
ويضيف قائلاً "لذلك كان أحد المقترحات نشر قائمة بهذه الأسعار في المحال التجارية نفسها ومحاولة الزام التجار باستخدامها إلا أن ذلك بحاجة لصيغة قانونية، وتعلن صفحة وزارة الاقتصاد بشكل دوري المعلومات حول هذه الأسعار، مطالبًا التجار بتحديد هامش الربح الذي يطلبه، ومراعاة ظروف حالة المستهلك الفلسطيني.
واختلفت أسعار الأراضي والشقق أيضا في مدينة رام الله عن غيرها من المدن، تربعت قطعة الأرض على دوار المنارة كأغلى قطعة أرض في فلسطين نسبة إلى مساحتها، حيث وصلت إلى 25 مليون دولار أمريكي اعتمادا على تخمين تم قبل عامين تقريبا.
ويوضح تاجر الشقق ربحي الحجة، "أن أسعار الأراضي في فلسطين قد لا تلقاها في منهاتن في امريكا، فعلى سبيل المثال قدرت مساحة دونم ونصف على دوار المنارة ب 25 مليون دولار وهو رقم مهول لهذه المساحة الضيقة، ولم يتأثر سعر الأراضي في أي من الأحداث التي مرت على فلسطين، قد تقل نسبة شراء الشقق بسبب تدهور وضع الموظف الفلسطيني أما الأراضي فهي بارتفاع مستمر".
تبريرات ارتفاع الأسعار
بدورها، ترفض جمعية حماية المستهلك ارتفاع الأسعار غير المبرر في رام الله، مرجعة ذلك إلى اعتماد المدينة كمركا إداري للسلطة الفلسطينية.
حيث قال مدير جمعية حماية المستهلك صلاح هنية إن "ارتفاع الأسعار على مستوى البضائع غير مقبول وغير مبرر، التجار يتنصلون من الأسعار التي تنشرها وزارة الاقتصاد، هنالك بعض الحجج لارتفاع أسعار إيجار المحلات، وهو سبب غير واقعي فمعظم المحال خاصة بالقرب من شارع ركب إيجارها قديم أي يتراوح بين 5-100 دينار شهريا".
ودعا هنية: "المواطن أن يتحرك ويرفض الغلاء غير المبرر، وأن يحتج على الأسعار بشكل رسمي حتى نرى الحل على الأرض".