أحدث التقرير الذي نشره "مراقب الدولة" يوسف شابيرا مساء أمس بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014، زلزالًا قويًا هزّ الأركان الثلاثة الكبرى في "إسرائيل"، وأكّد في خلاصته على حقيقة انتصار المقاومة الفلسطينية على آلة الدمار الإسرائيلية.
وسائل الإعلام الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها ركّزت على الهزّة التي أصابت المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، عقب كشف التقرير عن خطايا كبيرة وقعت بها حكومة الاحتلال خلال إداراتها للعدوان غزة.
التقرير الذي جاء في 180 صفحة اتهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه آنذاك موشيه يعلون، ورئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف قوخافي، بإخفاء معلومات عن أعضاء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، وعدم إعداد خطّة عسكرية للمواجهة، ووّجه لهم اتهامات بالتقصير في تدريب جنود الاحتلال على مواجهة خطر الأنفاق.
"انكماش سياسي"
المحلل المختصّ بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر رأى أن هذا التقرير سيسبب "انكماشًا سياسيًا" لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووضعه في وجه الهجمات المضادة من قوى المعارضة الإسرائيلية.
ولفت في معرض حديثه لـ"فلسطين الآن" صباح الأربعاء، إلى أن نتنياهو هو الوحيد المتبقي في منصبه من المسؤولين الذين حمّلهم التقرير الإخفاقات خلال العدوان "وهذا سيجعله في وجه الانتقادات وقد تؤثّر عليه سياسيًا في المستقبل".
واستبعد أبو عامر حدوث أي تغيير في القريب المنظور على "الخارطة السياسية في إسرائيل، وستبقى الحكومة تؤدي مهامها ولن يتم الدعوة لانتخابات مبكّرة؛ لأن يعالون وغانتس لم يعودا يتوليا أي مسؤولية في الحكومة".
ووافق المختصّ بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات رأي أبو عامر بأن تأثير التقرير لن يظهر جليًّا في المستوى السياسي.
وأوضح في حديثه لـ"فلسطين الآن" صباح الأربعاء، أن التقرير لم يحتوِ على أي توصيات شخصية لإلقاء المسؤولية على أحد (نتنياهو، يعالون، غانتس)، كما أنّه لا يملك سلطة إلزامية للمحاسبة.
ولفت بشارات إلى أن التقرير لم يأتِ على إصلاح الخلل السياسي والاستراتيجي في إدارة العدوان على غزة، كما لم يتضمن وضع خطة استراتيجية كي لا يكون قطاع غزة حقلًا لمواجهة قادمة.
تقصير أمني عسكري
الضجة التي أحدثها التقرير لم تقتصر على المستوى العسكري فحسب، لكنها أيضًا طالت المستويين العسكري والأمني، ووجهت انتقادات لاذعة للمسؤولين عليهما.
وبيّن المحلل أبو عامر أن أساس النقد والخلاف بين الأجهزة الأمنية والعسكرية سيكون حول عدم وجود تقارير استخبارية مسبقة عن الأوضاع في قطاع غزة.
وفور صدور التقرير، عقّب رئيس الأركان الإسرائيلي الحالي غادي آيزنكوت أن جيش الاحتلال قد استخلص العبر والدروس من مواجهة صيف 2014، وأنه عمل على تحسين قدراته بما يخصّ جبهة غزة.
وخلص المحلل الإسرائيلي ناحوم برنيع في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الأربعاء، أن تقرير مراقب الدولة يسرد حقيقة واحدة بين السطور وهي أنّ "إسرائيل" لو دخلت غدًا في مواجهة عسكرية مع قطاع غزة؛ فإن هذه المواجهة ستدار كما في العدوان السابق، معقّبًا "لا يوجد زعيم في نهاية النفق".
وتبقى الحقيقة التي أثبتها التقرير أن المقاومة الفلسطينية بإمكاناتها المحدودة حقّقت انتصارًا مشهودًا ما تزال تداعياته تعصف بأركان "إسرائيل" حتى اليوم.