كان الخبر مفاجئًا والنبأ صادمًا لم يسبقه أي مقدمات، ألقى بظلال من الحزن والأسى على استشهاد طفل أراد أن يقضي وقته في أرضه، فعاد مضرجًا بدمائه، في جريمة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من المواطنين قرب الحدود الشرقية لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، قضى فيها الطفل يوسف شعبان أبو عاذرة، وأصيب اثنان آخران.
توجه الطفل الشهيد يوسف أبو عاذرة 15 عامًا، صباح الثلاثاء 21/3/2017م، إلى مدرسته أبو يوسف النجار الثانوية التي يدرس فيها، ليغيب عنها صباح اليوم الثاني غيابًا أبديًا حيث كان جثمانه يجهز لتشييعه، بعد أن حرمه الاحتلال الإسرائيلي أبسط حقوقه، وأصابه في رأسه ويده اليمنى إصابة أدت إلى استشهاده على الفور.
وأكدت عائلة أبو عاذرة أن ابنها كان جالسًا آمنًا في أرضه القريبة من الحدود الشرقية، مستنكرة ما وصفته بـ"الجريمة" التي قام بها الاحتلال، نافية ما يزعمه أن المواطن الطفل أبو عاذرة ومن معه حاولوا الاقتراب من الحدود وزرع عبوة قربها.
في مشهد مؤلم جدًا، حضر زملاء يوسف في المدرسة يحملون حقائبهم ليلقوا نظرة الوداع عليه قبيل الصلاة عليه وتشييعه، وتم تأدية صلاة الجنازة عليه في مسجد العودة وسط المدينة، وانطلقت سيرًا على الأقدام صوب المقبرة الشرقية، بمشاركة أعداد كبيرة من المواطنين تغمرهم مشاعر الغضب والحزن والأسى.
عمل إجرامي
عاد يوسف من مدرسته ظهر يوم الثلاثاء ليتوجه إلى أرضه شرق المدينة ليعمل فيها برفقة أصدقائه، حاملًا معه بعض الطعام ليقضي وقت فراغه، كما تحدث والده لـ"فلسطين الآن"، قائلًا: "الولد رجع من المدرسة وجلس في البيت قليلًا، وقال بدي أروح على الأرض أشتغل فيها أنا وأصحابي يساعدوني، وأخذ معه بعض الطعام".
وأضاف والد الطفل الشهيد: "وهو هناك سهرانين في الليل أشعلوا النار، ويبدو أن الاحتلال قصفهم على النار وهم جالسين، وهو استشهد والباقي إلى معاه أصيبوا ولا أعلم باقي التفاصيل بالضبط"، مؤكدًا أن ابنه كان في أرضه.
وتابع متسائلًا "نحن تفاجأنا أنهم قصفوهم وهو لسا ولد صغير عمره 15 عامًا ونصف، ولا أعلم لماذا قصفوه لماذا ضربوه، لا أعلم لماذا ضربوه؟، نحن تفاجأنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
واعتبر أبو عاذرة أن ما قام به الاحتلال هو جريمة بحق الأطفال والشباب، وقال: "يوسف لن يكون أول واحد ولا آخر واحد، ونحن نرى جرائم الاحتلال وهو يستهدف الشباب والكبار والشيوخ والأطفال والصغار في أراضيهم ومزارعهم".
وبكل حزن أردف قائلًا :"يوسف كان ابن مطيع ووفي وكان لطيف، وحبوب للجميع ونعم الولد، أحتسبه عند الله شهيدا".
وبدوره أوضح عم الشهيد نصر أبو عاذرة أنهم تلقوا نبأ استشهاد ابنهم يوسف أبو عاذرة على أيدي الاحتلال بزعم أنه متسلل على السلك ويزرع عبوة، مفندًا أن ابنهم عمره 15 عامًا يجلس في أرضهم التي تبعد عن الحدود حوالي 800 متر، كما بين أنه يجلس فيها ويعمل ويرعى.
وقال: "فجأة أتى لنا خبر باستشهاد ابنا، وكان هناك أصوات كبيرة جدًا من قبل مدفعية الاحتلال، وهذا عملا إجرامي أن تستهدف طفل لا يعمل شيء، مسالم جالس في أرضه، تضربه بمدفعية"، وأضاف: "رسالتنا أن يعاقب الجناة على قتل الطفل يوسف، بسبب هذا العمل الإجرامي".
وتزامن مع استهداف المواطنين شرق مدينة رفح أصوات كثيفة لقذائف المدفعية ضمن مناورات عسكرية يجريها جيش الاحتلال الإسرائيلي.