شهدت ظاهرة العنف في الملاعب الفلسطينية أثناء مباريات دوري قطاع غزة؛ منعطفاً خطيراً يهدد بإلغاء الدوري لهذا العام، فمباريات كرة القدم أكثر التي تعتبر أكثر الأنشطة الرياضية شعبية يفترض بها أن تكون متنفساً لقطاع غزة المحاصر، لكن ما يحدث من أعمال عنف يمارسها المشجعون وصلت إلى حد الشتائم بألفاظ نابية طالت حتى أعراض اللاعبين وذويهم وحي بأكمله تنذر بما هو أخطر.
تطرح هذه القضية تساؤلات خطيرة حول أثر التعصب المناطقي على استمرار الظاهرة، وكذلك مستوى وعي الجماهير بلعبة كرة القدم وماهية الفوز والخسارة.
أمر خطير
يقول طلعت ظاهر الذي كان عضواً سابقاً في رابطة مشجعي نادي خدمات البريج حول هذه الظاهرة:" لقد بلغ السيل الزبى، وصلنا إلى حالة غير مسبوقة من العنف التشجيعي، والعنف اللفظي أقسى وأصعب من العنف الجسدي، خاصة أن الأمر انحدر لأدنى مستوى من سباب يمس الشرف ولأحياء ومحافظات كاملة، وبات الأمر خطيراً ولا أبالغ لو قلت بأنه تعدى مسألة الفوز والخسارة".
وفي تلميح للنعرات المناطقية يقول ظاهر :"هناك أمر خطير يجب كبحه وبأسرع وقت ممكن، ولا حل من وجهة نظري مبدئياً إلا بإلغاء الدوري هذا العام ومن ثم إعلان النفير المجتمعي والعشائري والتنظيمي لحل هذه المصيبة التي حلت برياضتنا الغزية".
ويعزو ظاهر أسباب ظاهرة عنف الملاعب بالتربية غير السوية أولاً، ثانياً قوانين الردع غير كافية وعدم اهتمام المسئولين بتأمين الملاعب.
بدوره يؤكد محمد موسى أحد مشجعي نادي خدمات المغازي، إن الدوري الفلسطيني لهذا العام شهد العديد من حالات العنف والتعدي على اللاعبين، لكنه ألقى باللائمة على بعض الحكام ممن يصدرون قرارات خاطئة لا يتحملها الجمهور، فيحدث العنف.
لم يبرر موسى العنف الحاصل لهذه الأسباب، لكنه يقول إن حجم الجماهير كبيرة، تجعل هناك صعوبة في التحكم بسلوك الجميع.
لا يعتقد موسى ان النعرات المناطقية تلعب دوراً في هذا العنف، لكنه يعقّب: "إن العنف موجود في كل الملاعب هنا أو خارج غزة، لكن بكل الأحوال علينا الوصول إلى حل".
يضيف أن التواصل متوقف حالياً بين روابط المشجعين في كل قطاع غزة، لكنه يرى ضرورة العودة للتواصل من أجل حل هذه الإشكاليات من خلال حوار شامل، يضع حداً للظاهرة.
الخلل إداري
في مقابلة معه يقول الإعلامي فادي حجازي، إن من أسباب التعصب داخل الملاعب هو الحب المبالغ به للنادي وعدم تقبل الانتقادات، إضافة إلى أن ثقافة الجمهور غير مكتملة تجاه ما تعنيه كرة القدم، كما أن الكثير من رؤساء الأندية سلوكياتهم غير مقبولة وتستفز الجماهير.
يؤكد حجازي أن مرحلة الانقسام وصعوبة الحالة الأمنية على مدار سنوات أثرت سلباً على المشجعين، إضافة إلى النعرات المناطقية حيث اتحدت أندية بعض المدن في مواجهة أندية مدن أخرى، وهذا كله نتائج تراكمية لممارسات استمرت لسنوات.
لم يؤدِ اتحاد روابط المشجعين دوراً تجاه حل هذه الإشكالية كما يقول حجازي، ويقترح حل جميع روابط المشجعين وإعادة تأهيلهم من جديد فنحن ما زلنا نفتقد لثقافة قبول النتيجة كما هي، حتى المباريات التي يفرض الاتحاد لعبها دون جمهور، يتسلق الجمهور من على جدران الملاعب ويدخلوا عنوة، كما انهم ما زالوا يهربون مواداً خطرة وممنوعة من أجل الألعاب النارية أو ما يعرف باسم "ماء النار" حيث قام أحد الأطفال بشرب هذه المادة بالخطأ لاعتقاده أنها ماء عادي وتم إنقاذ حياته.
ونوه إلى الدور السلبي الذي تمارسه بعض أقلام الإعلام الرياضي في مواجهة هذه الظاهرة وعدم نقاشها بشكل جدّي، كذلك دور الأندية في عدم مناقشة شغب جماهيرها.
بدوره يقول الصحفي الرياضي مصطفى محمود أن المتتبع لتطور الأحداث المؤسفة في دوري غزة يدرك الخلل الذي تعاني منه إدارات الأندية التي لا تستطيع كبح جماح الفوضويين ومثيري الفتن داخل جماهيرهم، حيث سمحت لهم بالتعدي باللفظ والأيدي علي الفرق المنافسة في أكثر من مباراة ولم تتحرك لإيقافهم.
يطرح محمود أمثلة على هذا العنف والشغب الجماهيري بما حدث من جماهير اتحاد خانيونس في مباراته أمام شباب خانيونس أو من جماهير الشجاعية في مباراة خدمات رفح في ملعب اليرموك؛ وأخيراً من جماهير شباب رفح ضد الشجاعية.
يقترح محمود لمعالجة هذه الحالة الفوضوية بتوقيع عقوبات شديدة علي الأندية والجماهير بحرمانها من دخول المباريات ودعم فرقهم لعدة مباريات وخلال ذلك يتم عقد ندوات توعية للجماهير كافة في عدة محافظات، وبعد ذلك يتم حرمان الفوضويين من حضور المباريات بالتعاون مع الشرطة الفلسطينية لضبط الملاعب بالشكل السليم.