مائتان وخمسة وعشرون صورة ترصد تفاصيل الحياة في فلسطين بجميع مكوناتها، وثقتها كاميرات مصورين غالبيتهم من الهواة، خلال جولاتهم على المواقع الدينية والتاريخية والأثرية والسياحية، جمعت في معرض بعنوان "احكيلي عن بلدي"، ينظمه الملتقى الفلسطيني للاستكشاف والتصوير في باحة المعهد الكوري بجامعة النجاح في نابلس.
يقول المحامي فراس جرار وهو من مؤسسي الملتقى إنه "فكر منذ ثلاثة أعوام تقريباً مع مجموعة شبابية، يجمعهم حب التصوير واستكشاف الوطن، تأسيس تجمع يضمهم، حيث نعمل على تصوير الجمال الفلسطيني والتنوع الحيوي، والأثري والسياحي، وغيرها".
حاضنة الهواة
وأضاف لـ"فلسطين الآن" تتمحور رؤية الملتقى بأن يكون حاضنا للهواة الذين ربما لم يستطيعوا إكمال تعليمهم، لكنهم يمتلكون العدسة وحب التصوير، ومن هنا فإننا بالملتقى الفلسطيني للتصوير والاستكشاف احتضناه وشجعناه لإكمال مسيرته".
بالمقابل، "يضم الملتقى العشرات من الدارسين وحاملي الشهادات العليا، فلدينا أطباء ومحامون ومحاضرون جامعيون، وطبعا صحفيون وإعلاميون.. لذلك نحن نتميز بوجود نخبة متنوعة جدا من الأعضاء، الذين يجمعهم عشق التقاط الصور"، يقول جرار.
وعن المعرض، يقول: "طلبنا من الأعضاء أن يتقدموا بأجمل ما لديهم من صور، فوصلنا نحو 5 آلاف صورة، وهو رقم ضخم للغاية، فشكلنا لجنة مهنية من مصورين محترفين، ودرسنا كل صورة بدقة وعناية، حتى وصلنا لـ225 صورة، من 102 مصورا، بعضهم اخترنا له صورة واحدة، وأخر صورتان، وبعضهم -وهم قلة- ثلاث صور.. كلها تعمل على توثيق فلسطين بمختلف أجزائها وتفاصيلها الحقيقية والجميلة، والأهم أنها تتناول الجانب غير المكتشف من بلادنا الغنية بالتنوع.
فلسطين جميلة
أما زميله أحمد كلبونة فنوه بأن الصور التي يضمها المعرض تنوعت بين الصورة الطبيعية، والبورتريه، وتصوير المايكرو، والحشرات، وتصوير التنوع البيئي والأثري في فلسطين، "بحيث يشعر زائر المعرض وكأنه يتجول في جميع أنحاء فلسطين".
يتابع "المعرض يهدف لتوصيل رسالة للجمهور وهي أن أرضنا الفلسطينية جميلة، وبأنه لدينا أماكن سياحية مميزة، وبأن الفوتوغرافيين الفلسطينيين موجودون وبقوة على هذه الأرض".
تصوير "المايكرو"
وفي ساحة المعهد الكوري في جامعة النجاح بنابلس تتدلا الصور وتتأرجح بفعل الهواء، وإلى جانب كل واحدة يقف من صورها.
تحيرنا مع من نتحدث.. حتى لفتت انتباهنا صورتان، الأولى لحشرة العيسوب وهي طائرة، لكنها واضحة جدا، وكأنها مرسومة بريشة فنان، والثاني لرأس حشرة مكبرة جدا، وعيونها خضراء..
تحدثنا إلى المصور نور طعمة الذي جاء من طولكرم، يهوى تصوير "المايكرو". يقول "اليعسوب حشرة سريعة الطيران، وحتى بالعين المجردة قد تجد صعوبة في رؤيتها، لكنها تقف في الهواء لثوان قليلة فقط عندما تريد أن تهاجم هدفا، وأنا من متابعتي لها عرفت بذلك، فاستطعت التقاط صورة مكبرة لها بكاميرا خاصة، خلال تلك الفترة القصيرة جدا.
والصورة الثانية لرأس حشرة، احتاج لتجميع مئة وخمسين صورة حتى خرجت بهذا الشكل.. يقول "صورت الرأس الذي تسيطر على جزء كبير منه عيون خضراء عشرات المرات ومن كل الاتجاهات، وعلى برنامج خاص على الكمبيوتر عملت على تجميعها، حتى خرجنا بهذه الصورة.
الروحانيات
أما نجوان فهي من الخليل، درست "الملتيميديا"، وترصد اللحظات الروحانية للمتعبدين في المساجد والكنائس. تؤمن أن الفتاة التي تحب التصوير عليها أن تتجاوز العقبات التي تعترض طريقها، حتى تحقق ذاتها.
تقول "اشتركت مع الملتقى في أكثر من جولة على المواقع المختلفة، لكن أكثر ما لفت نظري هو المواقع الدينية، حيث يكون المصلون في قمة اتصالهم الروحي بالله، وأنا كنت أرصد تلك اللحظات بدقة.. قد صورت في أكثر من مسجد وكنيسة، وخرجت بصورتين حازتا على إعجاب لجنة التقييم وشاركتا في المعرض".
الحياة البرية
أما الدكتور عماد أبو دواس الذي يعمل محاضرا جامعيا، فهو من عشاق تصوير الحياة البرية والتنوع البيئي في فلسطين. ويمضي ساعات طويلة في رصد الطيور المهاجرة والحيوانات البرية.
يقول "إن أردت صورة كلها حيوية فعليك أن لا تذهب إلى الطيور والحيوانات والزواحف، بل تجعلها تقترب منك لتجيد التقاط صورها، وحينها فقط ستشعر بالمتعة، وكلما اقتربت أكثر من صيدك الثمين ستقدم صورة نابضة بالحياة، وتجعل من يشاهد يحبس أنفاسه".
وتواجه المهندس المبتسم عقبات عديدة لعدم فهم غالبية الناس لهوايته، فيظنون أنه يلتقط صوراً للبيوت والأفراد ويعتدي على خصوصيتهم، كما يحاط عمله بمخاطر في مناطق الأغوار التي صادرها الاحتلال وحولها لحقول رماية وتدريب، ويطلب منه بعض الأشخاص التقاط صورة له بكاميرته ذات العدسة بعيدة المدى.
ويأمل جرار وكلبونة أن يجوب المعرض -كما يخطط الملتقى- كل المدن الفلسطينية، في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وقطاع غزة، والداخل المحتل، وكذلك يسعون للتنسيق مع الوزارات المختصة ليكون متاحا للفلسطينيين في الخارج، "فمن خلاله سيشاهدون فلسطين وهم في غربتهم، ويتعرفون على بلادهم أكثر وأكثر".