عندما ولدت سناء قبل 14 عاما، حضر الجميع إلى المستشفى لرؤية الحفيد الجديد لأسرة البزرة من نابلس، إلا شخص واحد.. هو الدها باسل الذي تغيب عن ذلك.
فلم تكن قد مرت أشهر قليلة على اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لباسل، الذي كان أحد أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى في نابلس خلال الانتفاضة الثانية، وقد أفلت من عدة محاولات اغتيال واعتقال، إلى أن تمكنت من الوصول إليه في تموز عام 2003، ليصدر بحقه حكم بالسجن لـ 15 عاما، تبقّى منها عام وثلاثة أشهر فقط.
"فلسطين الآن" زارت عائلة الأسير البزرة والتقت بأمه وأشقائه وطفلته الوحيدة التي تحمل اسم جدتها.
تقول الطفلة ابنة الصف الثامن "اشتاق لوجود والدي معي، أدركت غيابه بعدما كبرت قليلا.. فقد كنت أرى آباء زميلاتي في المدرسة يأتون لاصطحابهن في بعض الأحيان، وأتساءل أين أبي؟؟ لماذا لا يأتي هو الأخر ولو لمرة واحدة!!".
وتتابع "في بداية الأمر كنت أجد صعوبة في فهم ما يجري حولي، خاصة عندما كنت أذهب لزيارته في السجن.. ولكن بعد ذلك أصبحت أشعر بوجوده في حياتي بكل تفاصيلها.. وأتشوق لليوم الذي أذهب لرؤيته... مع أنها 45 دقيقة فقط، لكنها ترد لي الروح من جديد".
افتقده دوما
سناء صغيرة، لكنها تدرك تماما ما يدور حولها، لا سيما أنها كبرت ولم تعش مع أبيها يوما واحدا.. وحرمت من احتضانه، والذهاب في رحلات عائلية بوجوده..
تتابع "دائما ما أفتقد والدي في مختلف المناسبات وأتمنى أن يكون إلى جانبي، تحديدا في نجاحي الدراسي".
لكن باسل يطلب منها في كل زيارة أن تهتم بدراستها وتحافظ على تفوقها، وهذا ما تسعى له سناء، لكسب رضاه، كما تقول.
الحرية قريبة
الفترة المتبقية لحكم والدها هي الأصعب بالنسبة لها. تشرح ذلك قائلة: "سنوات كثيرة مرت على غيابه.. ونحن الآن نحسب كل شهر وكل أسبوع وكل يوم بقيت على تحرره.. أريد أن أعيش ما بقي من طفولتي في كنف والدي.. وأريد منه أن يعوضني عن غيابه".
وجود والدتها وجدتها وأعمامها خفّف عنها كثيرا. فهم يولونها اهتماما خاصة وكبيرا. وتعيش مع والدتها وجدتها في بيت واحد.
تقول جدتها "حفيديتي كل شيء في حياتي.. فهي التي تربطني بفلذة كبدي باسل .. أراه في معالم وجهها.. في كلمتها وتحركاتها .. فأنا محرومة من زيارته منذ عام 2010... لأسباب أهمها أنني كبرت ولم أعد أقوى على السفر لفترة طويلة، خاصة أنه معتقل في سجن "النقب" الصحراوي.
تتابع "طوال السنوات الماضية حاولت جاهدة تقديم كل ما يلزم لحفيدتي، وتوفير ما تطلبه حتى لا تشعر ببعد والدها، ولكن لا أحد بإمكانه أن يقوم بدور الأب".
خدوما .. وطنيا
وعنه تستذكر طفولته وشبابه .. "كان خدوما جدا لي وللجيران.. محبوب من الجميع.. ابتسامته لا تفارقه".
وعن مواقفه الوطنية، يوضح شقيقه ماهر ، أن أخيه أمضى كل هذه السنوات إيمانا منه بقضيته العادلة.. فهو لم يعش كأمثاله من الشعب، فقد اعتقل سابقا قبل اعتقاله الأخير، ووصل في كل ميدان أتيح له العمل فيه خدمة شعبه ووطنه".
وأشار إلى أن الأسرى قاموا بما عليهم من واجب، وما خوضهم للإضراب إلا خير دليل على تقدمهم للصفوف .. غير أن المسؤولية الكبرى تقع على المؤسسات الرسمية والشعبية، وكذلك على المجتمع الفلسطيني.
وشدد البزرة -الذي سبق هو الآخر أن اعتقل في سجون الاحتلال-، على ضرورة أن تبذل كل الجهات على كافة المستويات للإفراج عن الأسرى ، وللضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته بحقهم بالحد الأدنى، وكذلك توفير الحياة الكريمة لعائلاتهم التي فقدت معيلها، وواجهت الحياة وصعوباتها لوحدها.