"يا نايم عالطاحونة والمية مقطوعة" مقولة تراثية فلسطينية ترثي حال قطاع غزة المُزري حالياً مع الأزمات المتعددة، لا سيما أزمة المياه التي تسببت بها أزمة انقطاع الكهرباء، فمع كل يوم تشتد الأزمة على الغزيين الذين فقدوا أهم مقومات الحياة وحاجتهم للمياه للشرب وتدبير شؤونهم المعيشية.
وتؤثر أزمة الكهرباء بشكل أساسي على انقطاع الماء حيث تصل القطاع الكهرباء يومياً أربعة ساعات فقط وأقل وهي غير كافية لتشغيل مواتير المياه، وسط تحذيرات من وضع كارثي.
يستيقظ "أبو درويش" في الصباح لكي يغسل وجه المتجعد الذي أنهكته مشقة الحياة فيتفاجأ بعدم توفر المياه ليذهب لتعبئة خزانات المنزل فيتفاجأ بانقطاع المياه، فيبقى على أمل إلى حين حضور الكهرباء لتشغيل ماتور المياه.
ويروي الحاج الستيني لـ "فلسطين الآن" أنه اضطر جراء أزمة المياه إلى شرائها من الباعة المتجولين ورفعها إلى خزانات المنزل كي لا يعاني أهله، مبيناً أن هذا الحل غير مجدي في ظل ضعف الوضع المادي لديه.
أما المواطنة أم فادي فتؤكد تكدس أكوام كبيرة من الغسيل التي لا تقدر على غسله بفعل الأزمة الخانقة حيث لا ماء ولا كهرباء.
صبرٌ وطول انتظار
وتشير ربة المنزل أم فادي إلى أنها تنتظر حتى منتصف الليل وصول الكهرباء لقضاء مصلحة بيتها من غسيل، وخبز لقمة العيش لأولادها، منوهة إلى عدم وجود جدول محدد ومنتظم للكهرباء.
ومع حلول صيف كل عام، تعود مشكلة نقص مياه الشرب في قطاع غزة تطفو إلى السطح من جديد من تنتناب المواطنين حالة توتر ويأس من الوضع السائد تزامناً مع حصار خانق مفروض منذ أكثر من 10 سنوات.
وضع كارثي
وتحذر هيئات محلية في قطاع غزة من كارثة كبيرة تعصف بمناحي الحياة إن استمرت الأزمة على حالها دون أية حلول.
وتدعو بلدية غزة المواطنين إلى ضرورة تركيب خزانات مياه أرضية وترشيد استهلاك المياه لمنع نقص المياه ولتجاوز مشكلة الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي .
ويؤكد مدير عام المياه والصرف الصحي فيها ماهر سالم أن البلدية تبذل جهودا كبيرة من أجل أن يتوافق جدول توزيع المياه مع جدول الكهرباء ولكن هناك صعوبة في ذلك بسبب أن جدول الكهرباء حالياً دائم التغير وغير ثابت.
إرشادات لتفادي الأزمة
ويوضح سالم أن مشكلة الانقطاع المتكرر والطويل للكهرباء تؤثر بشكل كبير على مرافق البلدية لاسيما قطاع الآبار والمياه.
واضطرت بلديات القطاع إلى ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى شاطئ البحر مباشرة، ما سيؤدي إلى إغلاق الشاطئ ومنع الاصطياف هذا الموسم حفاظا على سلامة المواطنين.
وتهيب البلديات بالمواطنين بضرورة إتباع إرشادات المحافظة على المياه وترشيد استهلاكها وعدم استخدامها في رش الشوارع وغسيل السيارات بشكل خاطئ، وتقنين استخدامها في الأعمال المنزلية .
وفي بيان لها حذرت سلطة المياه من كارثة مائية وبيئية في المستقبل القريب في قطاع غزة، ستطال الإنسان والبيئة بجميع عناصرها، وذلك جرَاء تأثير أزمة الكهرباء على تشغيل منشآت المياه والصرف الصحي في القطاع.
إرباك لدى المواطن
ونوهت إلى أن استمرار هذه الأزمة ستؤدي إلى حدوث إرباك لدى المواطن في بيته فيما يخص قدرته على تخزين المياه بسبب عدم توافق ساعات ضخ المياه من البلدية للمواطن مع توفر الطاقة الكهربائية لديه.
وكان البنك الدولي أكد أن أزمة المياه أصبحت كارثية في قطاع غزة، وأن الأضرار التي أصابت الخزان الجوفي للمياه في ساحل القطاع لم تعد قابلة للإصلاح جراء تسرب مياه البحر.
يشار إلى أن الأمم المتحدة قد سابقاً من أن قطاع غزة قد يتحول عام 2020 إلى منطقة لا تصلح للحياة البشرية.
