أصبح "التأمل" و"التفكر" وحتى التفكير والتركيز أشياء شبه مستحيلة في حياتنا اليومية عندما نحتاجها، فلا أعتقد أن أحدنا يضبط المنبه حتى ساعة متأخرة من الليل ليحظى ببعض الوقت ليمارس ما حرمته منه العادات السيئة والظروف الاقتصادية والسياسية السيئة، وربما يقول قائل وما علاقة السياسة بالإزعاج والمنزعجين؟. ما دعاني لكتابة هذا المقال الظروف الصعبة التي يعاني منها طلبة الثانوية العامة من انقطاع في التيار الكهربائي وإزعاج موتورات الكهرباء، التي أتخيل أنها توشك أن تذهب بعقول الآلاف من طلبة الثانوية في قطاع غزة، وكل ذلك بسبب سياسة المجلس العسكري غير المفهومة في حصار ومعاقبة شعبنا في قطاع غزة، وحرمانه من الوقود المتبرع به من قطر الشقيقة. أكتب هذا المقال وأنا أتعرض لحزمة من الإزعاج، فأحدهم يرفع صوت المسجل إلى حده الأعلى_ ولهذا قدرت موقف طلبة غزة رغم الـ (90 كم) التي تفصلني عنهم_ وآخر ينادي بمكبرات الصوت " شَوَّبت...براد" وهو لا يعلم أن صوته أكثر إزعاجا من حر الصيف، ولا يقف الأمر عند هؤلاء، فهناك بائع البطيخ والثوم والغاز والفريكة وقائمة لا تنتهي، وأكثر ما يغيظني هذا الأخير الذي يقول كل يوم ومنذ أسابيع" الحق حالك خلصت لفريكة". قبل يومين قرأت مقالا لكاتب من غزة يشكو الإزعاج ويتمنى تعيين وزير للضوضاء، وأضم صوتي إلى صوته وأطمئنه بأننا بحاجة إلى وزيرين للضوضاء في حكومتي غزة والضفة، لأن إزعاج الآخرين وللأسف عامل مشترك بين الضفة وغزة، بل هو مرض مستشر في كل أرجاء الوطن العربي، والعجيب أن غالبيتنا تشكو الإزعاج وغالبية الغالبية هي جزء من ماكينة الضوضاء، فكثير منا _على سبيل المثال_ يسمح باستمرار حفلات الزفاف إلى وقت متأخر من الليل دون مراعاة لطلبة الثانوية أو المرضى أو من ينشدون لحظات من الهدوء والراحة، وكذلك يفعل وسيفعل الكثير من أولياء طلبة الثانوية، بعد نجاح أبنائهم إن شاء الله..المزيد المزيد من الإزعاج. من هو المسئول عن هذه الفوضى؟ وأين هو الخلل؟، هل هو في الناس، أم في السلطة التنفيذية أم في القانون؟، قناعتي الشخصية بأن الإجابة هي جميع ما ذكرنا ويجب بذل الجهود لمحاربة تلك الظاهرة قدر المستطاع.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.