25.55°القدس
25.16°رام الله
24.42°الخليل
27.11°غزة
25.55° القدس
رام الله25.16°
الخليل24.42°
غزة27.11°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

خبر: قُم: يا سيدي الإمام وإنظر

من وراء قضبان المحتلين الصهاينة، صمتت كل إذاعات المذياع ونحن نُقلب أثيرها بحثا عن نور جواد من بين فرس ودم في ظلمات ثلاث من القيد والليل والحرمان، حتى إفترقت أسماعنا بشرى النصر الذي طالما طاقت له قلوب المظلومين، وأعلن الإخوان المسلمون : الدكتور محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر العربية. كَبَرنا وتعانقنا وسجنا سجود الشكر، وكأنه يوم الإفراج، وأطلقتُ – والدموع تفيض من عيني – لخيالي العنان، وتخليت أني الآن في مصر، فماذا كنت سأفعل؟ إذا لتركت الناس يحتفلون في ميدان التحرير، وتوجهت إلى قبر الإمام الشهيد حسن البنا، وقرأت الفاتحة على جلال روحه، وقلت له، قم يا سيدي الإمام وانظر كيف صدقنا الله وعده، قم يا سيدي الشهيد وانظر إلى الأجيال التي ربيتها على القرآن والسنة ، ها هي تعيد أمجاد الصحابة وترفع راية الإسلام والحرية والعدالة على العروش التي طالما حكمتها عصابات الظلام، قم يا سيدي الإمام وأنظر إلى نصر الله الذي طالما غرستَ في قلوب أبنائك الثقة بوعده، ها نحن نراه اليوم رؤيا العين، ولطالما حفرته كلماتك في قلوبنا وعقولنا جيلا بعد جيل. قلتَ يوما: ( أيها الإخوان المسلمون لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد، ولا زال في الوقت متسع، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعبكم المؤمنة رغم طغيان عناصر الفساد، والضعيف لا يظل ضعيفا طوال حياته، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين ﴿نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾، إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام وإن الفرض ستسنح للأعمال العظيمة وإن العالم ينتظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من الألم، وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب " وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس "، " وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " ). وكأني أستمع إليك الآن – يا سيدي – وأنت تخاطب الجيل القرآني النبوي الفريد الذي ألفته " أيها الإخوان المسلمون ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة، ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمُعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد ". وتكتمل عظمتُكَ - سيدي الإمام الشهيد - وأنا أتخيل تلك اللحظة الضعيفة المهزومة في زمن الأمة يوم كنت تغرس في أبنائك كل هذه الثقة بنصر الله، فالخلافة توأد ولأول مرة في تاريخ الإسلام منذ إنطلاقة مسيرته قبل أربعة عشرة قرنا، والإستعمار يُقسم الأمة وينهب خيراتها، والتبشير الصليبي على أشده، والمسلمون يعيشون أسوأ مراحل التخلف والجهل والأمية والفقر والخلافات المذهبية، وكان أحد هذه الأسباب – فقط لا كلها – كفيلا بأن يُحبط همة أي مُصلح، ثم أتت بك المشيئة الإلهية يا سيدي على قدر لتلوي عنق التاريخ وتصوب بوصلة الأمة، وتركب برهبان الليل وفرسان النهار نحو الأهوال لتوصلوا أمتكم إلى شاطئ الأمان. سلام عليكَ سيدي من هذا الفتى الحمساوي الذي يكتُبُ إليكَ وعنكَ الآن ويقول لك : قم يا سيدي الإمام وانظر كيف ظل رئيس وزراء الكيان الصهيوني ساهرا قلقا مطربا خائفا يترقب طوال الليل وحتى ساعات الفجر وهو يتابع أخبار الإنتخابات في مصر، لقد خلع النوم من عينيه فوز رجل قرآني من أبنائك بثقة شعبه وأمته، كيف لا يهلع ويفزع – يا سيدي – وقد تمثلت – بهذا الفوز أمامه جحافل الأيادي المتوضئة التي أرسلتها لجهاد لصوصية كيانه المسخ، وأنت من كان يعلم أن المؤامرة أكبر منكم لكنها فلسطين، لكنها القدس. ما كان لمثلك أيها الإمام أن يتركها فريسة للأعداء الغاصبين، لتدفع روحك الطاهرة ثمنا لنصرتها، وتقرع كنائس الغرب الذين أعطوا الأوامر بإغتيالك في غير موعدها فرحا بذلك، وليُكافئ أبنائك بأن تُفتح لهم السجون أبوابها، ثم يُغيبون ورائها جيلا بعد جيل كي ينعم الكيان الصهيوني بالأمان ويتمدد مشروعه الدخيل. قم يا سيدي وانظر إلى القلق والرعب اللذين قذفهم الله في قلوب قادة هذا الكيان المسخ وهم يتابعون نبأ إنتصار – الإخوان المسلمين – وأنظر بالمقابل إلى غزة المحاصرة الجريحة وهي توزع الحلوى تحتفل وكأنها في يوم عيد، إنظر إلى فلسطين كلها، إنظر إلى القدس وهي تثق مطمئنة أن خلاصها قد بات الآن أقرب من أي وقت مضى، من حق القدس الآن أن تقر عينها وتنام على وعد نصر قريب، وقد أسهر فوز الإخوان المسلمين عيون المحتلين. يا سيدي الإمام: تولد دول وحضارات، ثم تتمدد فتية وتتوسع ثم تشيخ ثم تموت، وكل ذلك خلال 71 عاما، مثل الإتحاد السوفيتي الدولة النووية العتيدة!! أما دعوتك يا سيدي الشهيد التي حوربت فوق كل أرض وتحت كل سماء ورماها الصديق والعدو والقريب والبعيد عن قوس واحدة، ها هي وبعد 84 عاما تتمدد في أكثر من ثمانين دولة، وتجدد دمائها وأجيالها وشبابها، إنظر إلى عشرات الألوف من شبابها وشاباتها في أعمار الورد من حفار كتاب الله، وقل مثلهم من براعم الإيمان دون سن الحلم، قم وإنظر شباب الإخوان كيف يمسحون رؤوس اليتامى ويطرقون أبواب الفقراء في ليالي الفاقة يوزعون إليهم الصدقات ويحملون على ظهورهم أكياس الطحين لإطعام المحتاجين، عمروا بيوت الله وإنساحوا في أرضه يبذلون أنفسهم وأموالهم لنفع الناس وخير الناس وسعادة الناس. قم يا سيدي الإمام وانظر إلى أحد أبنائك من حفظة كتاب الله يقدمه الإخوان المسلمون كأول رئيس عربي حافظ لكتاب الله فضلٌ عن كفاءته وكفايته، ومن قبله بقليل أصعد إخوانك في فلسطين أحد حفاظ كتاب الله أيضا، رئيس الوزراء في أول حكومة مقاومة ضد الإحتلال، أليس هذا هو الجيل القرآني النبوي الفريد الذي ألّفته في محراب الإيمان لقيادة الدنيا، نم قرير العين يا سيدي رضي الله عنكَ وأرضاك، وجزاكَ عنا وعن أمتكَ خير جزاء، واسمح لي قبل أن أودع قبرك الشهيد أن أردد كلمات وعدك الواثقة بنصر الله تملأ بها مع فضاء الكون قلوبنا وعقولنا :" أيها الناس : نتقدم إليكم بدعوتنا هادئة لكنها أقوى من الزوابع العاصفة، متواضعة لكنها أعز من الشُم الرواسي، خالية من الزخارف والبهرج الكاذب، لكنها محفوفة بجمال الحق وروعة الإيمان، ذلك أنها دعوة رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين، فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق، ومن تأخر عنا اليوم فسيلحق بنا غدا وفي السابق عليه الفضل، ومن رغب عن دعوتنا زهادة أو سخرية بها أو سخرية بها أو إستصغارا لها أو يأسا من إنتصارها فستثبت له الأيام عظيم خطأه، وسيقذف الله بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هو زاهق ".