20.24°القدس
19.98°رام الله
18.86°الخليل
25.02°غزة
20.24° القدس
رام الله19.98°
الخليل18.86°
غزة25.02°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

القدس توحد الأمة وتلفظ خبثها

بسام ناصر
بسام ناصر
بسام ناصر

ما زالت الفعاليات الشعبية في المدن والحواضر الإسلامية، وكذا في العواصم والمدن الأوروبية والأمريكية تتواصل رفضا وشجبا واستنكارا لقرار الرئيس الأمريكي ترامب القاضي باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي تشهد بكل بوضوح على مكانة القدس في حس جماهير الأمة وشعوبها بأبعادها الإسلامية والتاريخية.

على عكس القضايا الساخنة الأخرى، المشتعلة هنا وهناك في العديد من الدول العربية، وما أحدثته في جسم الأمة من اختلافات وانقسامات بشأنها، فإن قضية القدس بقدسيتها وحدت اتجاهات الأمة المختلفة، فليس غريبا أن ترى في المظاهرات والمسيرات والاعتصامات المقامة في كثير من العواصم والمدن العربية والإسلامية والأوروبية ومختلف دول العالم الإسلامي إلى جانب القومي واليساري والليبرالي..، فالقدس بوصلة النضال والمقاومة الحقيقية.

لكن في المقابل ظهرت أصوات ناشزة، غردت خارج سرب جماهير الأمة، رافعة شعارات ملتبسة، ومرددة مقولات مراوغة، كذاك الوسم الذي انتشر في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» والموسوم بـ»السعودية أولا»، الذي «يبدو وطنيا، وقد أريد به باطل، ويعني دعونا من قضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين، فوطننا أولى، لكن من يخون القدس لن ينصر مكة» بحسب تعليق الأكاديمي السعودي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد.

متى كان يسمح في المملكة العربية السعودية لرجل كعبد الحميد حكيم، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية» بجدة أن يقول كلاما يصادم أبجديات العقيدة الإسلامية، فالرجل يرفع عقيرته بلا استحياء قائلا: «لكي نفاوض إسرائيل بجد، فلا بد أن نتخلص من إرث الإسلام السياسي الذي كرّس بغض اليهود وأنكر حقهم في القدس، وهي رمز ديني لهم كما أن مكة والمدينة رمزان دينيان للمسلمين».

ومتى كان يسمح لمواقع الكترونية مملوكة لسعوديين بنشر مقالات لمسؤولين إسرائيلين؟ كما فعل موقع «إيلاف» المملوك للسعودي عثمان العمير، بنشر مقال للمتحدث الرسمي باسم «جيش الدفاع الإسرائيلي» مهدي مجيد عبد الله، بالاشتراك مع أفيخاي أدرعي، بعنوان «حماس.. ثلاثون عاما».

فكيف يسمح موقع يملكه سعودي بنشر كلام جاء فيه «حماس تشكل خطرا على «إسرائيل، وتمارس «العدوان» عليها.. حماس تحفر أنفاقا «تخرق السيادة «الإسرائيلية» وتمهّد لشن اعتداءات عليها. سلاح حماس حصد أرواح من اليهود». هل بات أمثال هؤلاء السعوديين الذين يسمحون بنشر مثل هذا الكلام على منابرهم الإعلامية لا يستحيون من إظهار تعاطفهم مع كيان الصهاينة، ومهاجمتهم لإخوانهم في الدين والعروبة؟.

ومتى كان يسمح في بلاد التوحيد لأكاديمي أن يغرد قائلا «التاريخ يقول أن الفلسطينيين هم الذي باعوا (القضية)، والتاريخ يشهد أن الفلسطينيين تقاتلوا فيما بينهم وأنهم خانوا ونقضوا اتفاق مكة»؟ ومتى كان كلام الكاتب السعودي أحمد الفراج الذي قال فيه «لك العتبى يا نتنياهو حتى ترضى» كلاما يسكت عليه في بلد التوحيد والعقيدة؟.

 ولماذا تسكت السلطات السعودية التي تحصي على الإسلاميين أنفاسهم على ما قاله الأكاديمي والروائي تركي الحمد «لم تعد القدس هي القضية.. أصبحت شرعية مزيفة لتحركات البعض»؟. إذا لم تعد القدس هي القضية فما هي القضية إذا؟

ثمة تغيرات وتحولات واضحة في أفكار ومواقف بعض الرموز والنخب الليبرالية في الممكلة العربية السعودية، وربما كانت هي كذلك لكنها لم تكن تتجرأ في سابق عهدها على البوح بذلك والإعلان عنه،  حتى تهيأت لها المناخات التي تسمح بذلك، والتي تدفع باتجاه تهيئة الرأي العام لتقبل فكرة التطبيع مع العدو الصهيوني، والتي تشهد بحسب تقارير صحفية محترمة تقدما ملحوظا.

لا تستطيع تلك الأصوات الناشزة، مهما ارتفع صوتها تغيير تلك القناعات المتجذرة في وجدان الأمة وعقلها الجمعي، ففلسطين بقدسية مقدساتها ومركزيتها في الصراع مع العدو الصهيوني وكل من يدعمونه ويقفون من ورائه ستبقى كذلك مهما طال الصراع وعظمت تبعاته.