12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
17.2°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة17.2°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: الحرب والتاريخ

قديماً قال هرقليطس: الحرب أم التاريخ، ففيها يسقط أناس في وهدة الاستعباد، ويرتفع أناس إلى مقام السادة. وصدق كلامه هذا على مصير داريوس وفارس؛ ففي معركة جواجاميلا ختم على مصير الإمبراطورية الفارسية عام 331 قبل الميلاد على يد الشاب القائد العسكري الإسكندر المقدوني. كانت معركة أربيلا أو جواجاميلا جواب الغرب على صدمة الشرق مع معركة ترامبولاي وسيلامس عندما هاجم كزركسيس اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، فجاءه الجواب على يد التشكيلة العسكرية التي أنشأها فيليب والد الإسكندر قبل أن يتم اغتياله. كان الخيال يجمح بي حينما قرأت الفقرة التي وصف فيها توينبي معركة جواجاميلا أنها كانت أشبه بصدمة مطرقة حديدية لجرة من الفخار، حيث تقابل نصف مليون جندي فارسي مع 45 ألف جندي مقدوني، وكانت الغلبة للقوة الصغيرة، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين. وفي القرآن الكريم في كل من سورتي البقرة والأنفال تقعيد لمفاهيم القلة والكثرة، فأما سورة الأنفال فجاء فيها أن بإمكان عشرين صابرين أن يغلبوا مائتين، بمعنى أن نوعية التركيبة الإنسانية يمكن أن ترفع القوة عشر مرات. ثم نزل القرآن إلى مستوى الاثنين، فذكر إن يكن مائة صابرة يغلبوا مائتين. وفي كل مرة يؤكد أن الصبر مفتاح النصر. وهي الكلمة التي وجهها طارق بن زياد للمسلمين، فقال لجنوده عليكم بالصدق والصبر فإنهما لا يغلبان فسقطت شبه الجزيرة الأيبرية في أقل من عام بيد جيوش الفتح الإسلامية بسبب الفساد والظلم، فرحبت الجماهير المسكينة المتعبة بالفتح الجديد. وهي قصة تتكرر دوماً بما فيها حملة نابليون على مصر، فقد وجّه لأهل مصر كلاماً يذكر فيه عدله وظلم المماليك. أما القصة التمثيلية لهذا الموضوع فهي قصة داوود وطالوت وجالوت. حيث تساقط معظم الجنود في طريق الاختبار مع طالوت، وفي النهاية بقيت قلة صابرة دعت الله ربنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا فنصرهم الله، وما النصر إلا من عند العزيز الحكيم. وفي قصة الإسكندر عبرة، فلم يكن يخطر في بال داريوس أن تُهزم هذه القوة الهائلة التي جمعها من أنحاء الإمبراطورية ابتداء من النوبة حتى أفغانستان. ولكن الضعف كان فيها، بسبب شرذمة الجنود وتباين لغاتهم وخلفيتهم، ثم كانوا مرتزقة ليس عندهم الولاء لإمبراطورية تستعبدهم. فكانت مجرزة بشرية مروعة تم قتل ما لا يقل عن خمسين ألفاً من جنود الفرس طعناً وسلخاً وقطعاً، وخسر هو ألفاً، فهذا هو الجنس البشري يُفسد في الأرض ويسفك الدماء، ورسم التاريخ أحمر قانياً إلى حين ولادة الإنسان الجديد..