الكلاب التي تنبح لا تعض! هذا المثل العربي ينطبق على الكيان الصهيوني الذي يواصل النباح خلف القافلة النووية الإيرانية، نباح لا يتوقف من سنوات، على خلاف إستراتيجية الكيان التي تقوم على العقر والعض والنهش، دون الاعتذار عن الجريمة، فما الذي تغير؟ ولماذا يواصل قادة الكيان تهديداتهم بضرب إيران لأكثر من خمسة أعوام دون فعل، حتى صار تحديد نهاية أكتوبر من هذا العام موعداً قابلاً للتأجيل؟ فلماذا؟ سبق أن أجرى الطيران الإسرائيلي تدريبات على التحليق حتى مسافات بعيدة، ووصل إعلامياً إلى اليونان، وسبق أن تحركت الغواصات الإسرائيلية في البحر بشكل يوحي بالحرب، وسبق أن نشرت "إسرائيل" بطاريات الصواريخ المضادة على الحدود مع الأردن، وسبق وأن تم تحديد مواعيد للحرب، لم تحرك فيها «إسرائيل» ساكناً، فلماذا صار تحديد نهاية أكتوبر موعداً لضرب إيران؟ ولماذا حرص نتنياهو على ضمان موافقة الكنيست على ضرب إيران دون الرجوع إلى أي جهات تشريعية؟ أزعم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تشارك في حملة التهويش والترويج للضربة الإسرائيلية الوهمية، فتقول: إن الإسرائيليين قد بدؤوا بترميم الملاجئ، وتحضير الأقنعة الواقية من الغاز! وإن"إسرائيل" بدأت في تخزين القمح والأرز! وإن قيمة الشيكل الإسرائيلي قد انخفضت بالنسبة للدولار؛ بسبب أجواء الحرب مع إيران! وأن "إسرائيل" تقوم بمناورات تحاكي تعرضها للصواريخ الإيرانية! وأن تعيين آفي ديختر رئيس جهاز المخابرات السابق قائداً للجبهة الداخلية مؤشر على الحرب! وأن تواصل اللقاءات الأمنية بين الأمريكيين والإسرائيليين يشير إلى ما هو قادم من تطورات قد تغيير وجه المنطقة! وأن متان فلنائي نائب وزير الدفاع يحض الإسرائيليين على التعود على الصواريخ، وكأن الحرب قائمة؟ فهل هذه هي دولة الصهاينة التي نعرفها، ونعرف بطشها وجبروتها، ونعرف أذنها الصماء عن كل توسل ورجاء؟ وهل يعقل أن يعترض قادة الأجهزة الأمنية في "إسرائيل" على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران علناً؟ أيعقل أن يفضح قادة الأجهزة الأمنية عجز الكيان وضعف إمكانياته عبر وسائل الإعلام؟ أم أن الأمر يجيء ضمن المخطط الهادف إلى التهويش، والإيحاء بأن حالة التردد في ضرب إيران ترجع إلى عدم الإجماع على قرار الحرب؟ ليندرج ضمن هذا السياق تصريح نتنياهو أنه صاحب القرار، ويتحمل المسؤولية أمام لجان التحقيق في المستقبل، وعلى أذرع الأمن المختلفة تنفيذ القرار السياسي؟ وزير الدفاع الأمريكي بنيتا أدرك غرض الإسرائيليين من توالي التهديد، وفضح إستراتيجيتهم حين قال: إنه لا يعتقد أن "إسرائيل" اتخذت قرارا نهائيا بشن هجوم ضد إيران"، هذا التصريح الذي جاء خارج السياق أزعج القيادة الإسرائيلية، وحرك أصدقاءها في أمريكا لتدارك الموقف، فسارع مستشار الرئيس الأمريكي أوباما للحملة الانتخابية د.كولين كال الذي زار "إسرائيل" 13 مرة، وشغل منصب المستشار الأكبر لشؤون الشرق الأوسط لدى وزير الدفاع الأمريكي، سارع إلى الرد مباشرة وقال: "إنه يجب أخذ التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المفاعلات النووية الإيرانية بمنتهى الجدية". القيادة الإيرانية بلسان أكثر من مسؤول لا تأخذ التهديدات الإسرائيلية بمنتهى الجدية، ويقولون: إن "إسرائيل" أصغر من أن تهاجم إيران! فهل معنى ذلك أن النباح الإسرائيلي المتكرر يشير إلى عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على مهاجمة إيران، أم يشير إلى عدم رغبة "إسرائيل" في مهاجمة إيران؟ إن كل الرسائل التي تصل إلى نتنياهو من قبل أعضاء في الكونغرس الأمريكي، تؤكد أنه في حال هاجمت "إسرائيل" إيران فإن الولايات المتحدة لن تستطيع أن تتركها لوحدها، ليس فقط ستفتح لها مخازن الأسلحة الأمريكية المتواجدة في المنطقة، بل ستشكل لها حماية من الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى. هذه الرسائل الأمريكية لا تجدي نفعاً لـ"إسرائيل"، لأن "إسرائيل" لا تهدف إلى دخول الحرب مع إيران، "إسرائيل" تهدف إلى جر الدول العربية إلى محاربة إيران، وهدا لا يتحقق طالما كانت "إسرائيل" جزءاً من المعركة العسكرية، لذلك فإن نتنياهو يفضل أن تخوض أمريكا الحرب مباشرة ضد إيران؛ كي يسهل مشاركة الدول العربية، لتنشغل المنطقة في حروب داخلية تترك بلاد المسلمين ممزقة الأوصال، تتوسل الرحمة من الكيان الصهيوني.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.