لم يقتصر منصب رئيس الجمهورية في بعض البلدان على السياسيين فحسب، فقد شغل هذا المنصب أصحاب مهن أخرى والعجيب أن هذه المهن بعيدة كل البعد عن السياسية أو العمل السياسي.
لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية الوحيدة التي شغل منصب الرئيس فيها ممثل سابق، كان يمتهن مهنة التمثيل وهو (رونالد ريجان). ففي جواتيمالا أيضا كان (جيمس موراليس) ممثلاً كوميدياً قبل أن يشغل منصب الرئيس، وفي كرواتيا كان (إيفو يغوسيبوفيتش) موسيقارا قبل أن يحتل منصب الرئيس، ثم مؤخراً شغل (جورج وايا) لاعب كرة القدم الشهير منصب رئيس جمهورية ليبريا، ليقودنا هذا الأخير إلى مبتغانا وما طرحته من سؤال عنونت به هذه التدوينة، ألا وهو هل يصبح أبو تريكة يوما ما رئيساً لجمهورية مصر العربية؟ وللإجابة عن هذا السؤال لابد من طرح بعض النقاط تتمثل فيما يحتاجه أبو تريكة ليكون رئيساً لمصر أو على أقل تقدير مرشحاً لرئاستها.
أولاً: الخبرة السياسية
من المعلوم بالضرورة أن كل إنسان قد وُلد على الفطرة، ولم يذكر أحد ممن سبقونا ويقيني انه لن يذكر أحد ممن سيلحقو بنا بأن السياسية من الفطرة، فالسياسة لم تولد معك ولكن هي من المكتسبات التي تكتسبها بالممارسة ومن ثم تكتسب الخبرة الكافية لتصبح سياسياً. لا تنسى عزيزي القارئ أن مهاجمة أبو تريكة بضراوة في الإعلام المصري كانت بسبب كما يدعون خلطه الرياضة بالسياسة.!
أبو تريكة يستطيع أن يدرس بعض المصطلحات السياسية من خلال دورات تدريبية التي سيحتاجها كرئيس للجمهورية ومع الممارسة شيئاً فشيئاً والتدريب سيكون من السياسيين المهرة، بجانب أن تحقيق العدالة الاجتماعية ونشر مناخ الحرية لا تحتاج إلى سياسي أكثر من احتياجها لمن يؤمن بها، وأظن أن أبو تريكة من هؤلاء.
ثانياً: القاعدة الجماهيرية
من كمثل أبو تريكة في مصر بل في عموم الدول العربية يتمتع بجماهيرية عريضة كهذه؟ لاعب كرة قدم، خلوق، ساهم بشكل كبير في تغيير الصورة النمطية للاعب كرة القدم وهي السطحية والجهل وعدم الثقافة وعدم مشاركة الناس قضاياهم والشعور بها. فكان أبو تريكة النموذج المثالي والقدوة الحسنة لكثير من الشباب.
وبالرغم من الحملات المسعورة من الإعلام المصري ألا أن شعبية أبو تريكة لم تنتقص ولم تهتز، ولن أكون مبالغاً إذا قلت إنها قد زادت، ويشهد على ذلك هتاف الجماهير له في المباريات المقامة في مصر خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية.
ثالثاً: الاستقلالية
كم يحتاج الشعب لمرشح أو قائد يكون ليس له انتماء لحزب أو لجماعة أو لطائفة، وأظن أبو تريكة من هؤلاء، فبالرغم من محاولة إلصاق تهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين له وهي تهمة كما تعلمون عند الأمن المصري معلبة يتهمون بها من لا تهمة له.
أبو تريكة الذي لم يعلن انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين ولكن فقط اتخذ مواقف يراها من وجهة نظره صحيحة كدعم القضية الفلسطينية والوقوف بجانب غزة ودعم الدكتور محمد مرسي في سباق الرئاسة ورفضه للظلم والاستبداد وتحميل المجلس العسكري المسؤولية الكاملة لما حدث في بورسعيد، كل هذه الأمور جعلت من تهمة أخونة أبو تريكة أمراً سهلاً ومستساغاً في الأبواق الإعلامية
رابعاً: مناخ ديمقراطي آمن
وهذه هي النقطة الأصعب، فمن المعروف عزيزي القارئ أن مناخ مصر دافئ شتاءً ومعتدل صيفاً متشبع طوال العام بأتربة الاستبداد والظلم والطغيان، فمن الصعوبة بمكان تغيير هذا المناخ في الوقت الحالي. لكن هناك طريقة أخرى تتيح لأبو تريكة الترشح وسط هذا المناخ.
أولا: يجب أن يسبق اسمه رتبة من إحدى الرتب الثلاث (لواء أو فريق أو مشير).
ثانياً: يجب أن يسعى وبكل جهده لاسترضاء أمريكا وإسرائيل، وفي هذه الحالة عزيزي القارئ رضا أمريكا وإسرائيل سيكون أهم من رضا الوالدين.
ثالثاً: أن يقسم بالله العظيم ألا يحافظ على النظام الجمهوري وأن يتسم بالخيانة التامة المطلقة في كل الأمور وألا يحترم الدستور ولا القوانين وأن يضرب بمصالح الشعب المصري عرض الحائط وأن يفرط بكل أريحية في الوطن وأراضيه.
وفي هذه الحالة لن تنطبق الشروط على أبو تريكة وستكون إجابة السؤال الذي ورد ذكره آنفاً هي لا.... لن يصبح محمد ابو تريكة يوما ما رئيساً لجمهورية مصر العربية (في ظل هذه المعطيات).
لكننا نرضى به نجماً لامعاً في عالم الرياضة، وعلامة متميزة بأخلاقه، ورمزاً لنصرة القضايا العادلة، وقدوة حسنة الشباب الواعد.