23.27°القدس
22.95°رام الله
21.64°الخليل
25.76°غزة
23.27° القدس
رام الله22.95°
الخليل21.64°
غزة25.76°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

مقياس التفاضل بين الناس

عبدالله المشوخي
عبدالله المشوخي
عبدالله المشوخي

تتباين مقاييس التفاضل بين الناس حسب ما يؤمنون به من عاداتٍ وتقاليدَ مختلفةٍ. فعلى الرغم من أنّ الله -سبحانه وتعالى- قد نصَّ في محكم آياته على المقياس الأمثل والأوحد للتفاضل بين الناس وحصره في قوله: (إن أكرمَكُم عند الله أتقاكُم)، إلا أننا نجد أن مقاييس الناس -هذه الأيام- باتتْ مغايرةً تماماً لما أثبتَه المنهج الرباني وأكّده. فنرى أن البعض -وللأسف- يروْن في النسب إلى القبيلة أو العشيرة المعيارَ الأقوى للتفاضل والتنافس، فغالباً ما نجد السؤال المتبادر عند هؤلاء الناس: هذا فلان ابنُ مَن؟ فإذا كان من عشيرةٍ أصيلةٍ ومعتبرةٍ في نظرهم ونظر الآخرين، فإنه سيحظى بوافر التقدير وعظيم الاحترام. ويكون هذا الاحترام والدعم بحجم عشيرته وثِقَلِها ونفوذها.

وأما إنْ كان من رِعاعِ الناس أو من (طرْش البحر) كما تقول العامّة، فلا قيمة له تُذكَر، ولا شأن ولا وزن يُعتبر!!!

وهناك فئة أخرى، لا يحترمون المرء ولا يعتبرونه ولا يقيمون له شأناً إلا باعتبار بلده ومكان ولادته، فإن كان من بني جِنسه ومن أبناء وطنه، حظي بالاهتمام الكبير، والاحترام والتقدير، وإلا فلا اهتمام ولا تعامل ولا اعتبار.

وتلعب سطوة البلد ونفوذُه دوراً بارزاً في حجم هذا الاهتمام؛ فالمواطن الأمريكي مثلاً، يحظى باحترامٍ بالغٍ من غالبية شعوب العالم، على عكس المواطن الآسيوي الذي قلّما يجد أبسط مظاهر الاحترام والتقدير، لا سيما إن كان من بلاد فقيرة!!

وهناك أيضاً فئة أخرى من الناس، تحظى بالاحترام والمتابعة والاهتمام، نظراً لوضعها المادي المميز، ولما تملكه من ثروات، فإن زالت ثرواتهم، زال معها كلُّ شيء..وانتفى بدونها كلُّ الاحترام والإعجاب!!

ومِثل هذا، شأنُ من يتقلد المناصبَ الرفيعة، فإنه يحظى باحترامِ الآخرين طالما ارتبط اسمه بالكرسي، فإذا زُحزح عنه، أو نُزِع منه، وزالت سيطرته ونفوذُه، فلا أحد ينظر إليه أو يأبَه لوجوده..

وهكذا، فإنّ أيّ تفاضلٍ وفق أيِّ معيار ما خلا المعيارَ الرباني الحكيم القويم، مقياس ناقص، وتفاضل مَعيب، وبهرجةٌ زائفة مؤقتةْ لا تدوم، لأنها مبنيّةٌ على المصالح والأهواء.

ولو علم الناس فضلَ التمايز والتفاضل بمعيار التقوى، وما يترتب على ذلك من حب في الله ووِئام، وما يصاحبه من جزاءٍ عطيمٍ، وفضلٍ كريم، ومكرماتٍ أعِدّتْ خصيصاً للمتحابين في جلال الله -سبحانه وتعالى-كالاستظلال تحت ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلا ظلُّه، وكالجلوس على منابر من نور يغبطهم عليها النبيّون والصدِّيقون والشهداء، لما تردّدوا لحظةً في اتباع معيار التفاضل الرباني الحكيم، ولَغمرتْ حياتَهمُ الراحة ولعمرتْ نفوسَهم الطمأنينة..

فما أجمله من مقياس وما أحكمه من منهج.