فض نشطاء إسرائيليون يمينيون إطلاق اسم "أم كلثوم" على أحد شوارع حيفا، متهمين الفنانة الراحلة بأنها "عدوة" "إسرائيل".
وقرّرت لجنة التسميات في بلدية حيفا التي تترأسها رئيسة البلدية عينات كاليش في منتصف الشهر الجاري إطلاق اسم أم كلثوم على أحد شوارع المدينة، لأنها "تعتبر من عظماء الغناء العربي وهي اسم مرادف للموسيقى العربية عموما والمصرية خصوصا. لذا رأت اللجنة أن تطلق اسمها على شارع في حيفا، كمدينة مختلطة تمثّل نموذجا للحياة المشتركة بين اليهود والعرب".
وأكد عضو البلدية رجا زعاترة أن تخليد اسم السيدة أم كلثوم في المدينة "إنجاز نوعي هام للعرب في حيفا، على مستوى تأكيد الوجود والبقاء والتجذّر، ماضيا وحاضرا ومستقبلا".
وأضاف: "نريد أن نؤكد أن حيفا لطالما كانت قبلة ثقافية تعج بالمسرح والسينما والصحف ودور النشر والفعاليات الوطنية والنقابية والثقافية. وقد غنّت أم كلثوم في حفلات عدّة في حيفا ويافا والقدس في ثلاثينيات القرن الماضي".
وقال: "هذا حق شرعي لنا وسنواصل العمل على تحصيله، مهما علا صراخ قطعان اليمين والفاشية".
ولدت الفنانة المصرية أم كلثوم (فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي) الملقبة بسيدة الغناء العربي وكوكب الشرق، في مصر في الرابع من أيار/ مايو 1908، وتوفيت في القاهرة في الثالث من شباط/ فبراير 1975، وتعد من أبرز فناني القرن العشرين.
بعد هزيمة حرب 1967، غنّت أم كلثوم أغاني وطنية بينها "أصبح عندي بندقية" و"إنّا فدائيون" و"ثوار ثوار".
بعد قرار البلدية، بدأ نشطاء يمينيون في حيفا حملة ضد التسمية.
ونشرت صحيفة "كول بو" (كل شيء هنا) صورة أم كلثوم بحجم كبير مع عنوان بالخط العريض على صفحتها الأولى “أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين، خذوني معكم” بالعبرية.
وكتبت: "نعم هكذا غنت أم كلثوم التي سيطلق اسمها على شارع في حيفا". ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست من حزب الليكود أرييل كيلنر قوله: "أشعر بالحزن لقرار تسمية أم كلثوم التي دعت إلى إبادة دولة اليهود.. سأجد طرقا لمنع هذه التسمية".
وسارع يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى التعليق على قرار بلدية حيفا بتغريدة بالعبرية جاء فيها "عار وجنون".
وليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها اسم أم كلثوم على شوارع في مدن إسرائيلية.
ففي أواخر الشهر الماضي، قوبل قرار بلدية الرملة بإطلاق اسم أم كلثوم على أحد شوارعها بحملة مماثلة قام بها نشطاء يمينيون.
وأطلق رئيس بلدية القدس نير بركات الذي يعتبر أحد القادة البارزين في حزب الليكود وهو مقرّب من نتنياهو، اسم أم كلثوم على شارع في حي بيت حنيا في القدس الشرقية المحتلة عام 2012.
وقال يومها: "أم كلثوم كانت مغنية يسمعها العالم بأسره، شرف عظيم لنا أن نخلّد ذكراها بإطلاق اسمها على أحد شوارع القدس".
وكان لافتا في حينه تباهي وزارة الخارجية الإسرائيلية على صفحتها في "فيسبوك" باللغة العربية بالأمر، قائلة: "لا يخلو مهرجان لآلة العود من أم كلثوم".
وتخصّص الإذاعة الإسرائيلية الرسمية بالعربية ساعة يوميا لبث أغاني أم كلثوم.
وفي 15 تموز/ يوليو، اتهم الصحافي الإسرائيلي في صحيفة "إسرائيل هيوم" إلداد بك أم كلثوم بأنها "عدوة إسرائيل". وكتب تحت عنوان "لمعلومات الزوار في شارع أم كلثوم": "بدأت التسمية في القدس، وانتقلت إلى الرملة ووصلت الآن إلى حيفا. النغمة الجديدة لتسمية الشوارع على اسم كوكب الشرق أم كلثوم في المدن التي فيها سكان عرب في إسرائيل".
واعتبر أن "خطوة تكريم أم كلثوم في الرملة هي إحياء لذكرى أحد أكبر أعداء إسرائيل الذين أرادوا القضاء على الدولة"، مشيرا إلى أن الفنانة المصرية "تبرعت بسخاء في المجهود الحربي ضد إسرائيل".
ويرى الباحث في الثقافة واللغة العربية في جامعة بن غوريون في النقب يوناثان مانديل أن صوت أم كلثوم وأغانيها من أرقى الأصوات، واصفا إياها بـ”الأيقونة” و”الأسطورة”.
ووصفها مدير قسم الموسيقى الشرقية في معهد الموسيقى في القدس جلعاد فاغنين بـ”الديفا”.
ويقول مانديل إن أم كلثوم “لا تشكل تهديدا لإسرائيل، فهي مغنية متوفية”، مضيفا: "الإسرائيليون ينظرون بدونية إلى اللغة العربية والثقافة العربية حتى لو استمعوا إلى أغانيه".
ويؤكد الموسيقي اليهودي أرييل كوهين من حزب "شاس" اليميني المتشدد بدوره: "لا أرى أم كلثوم عدوا"، فقد “أدت أغانيها الوطنية في فترة حرب بين إسرائيل ومصر. كما غنّى محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وطنيا أيضا… طبيعي أن يغني الفنانون أغاني وطنية في الحرب”.
ويتابع بأن اليهود المتشددين الشرقيين "الحريديم" نشأوا "على أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب"، موضحا أن هناك "صلوات على أنغام الموسيقى الخاصة بهما، بكلمات عبرية".
ودرس كوهين أغاني أم كلثوم، وهو يردد أغانيها في حفلاته، لافتا إلى أن "الأب الروحي الراحل للطوائف اليهودية الشرقية الحاخام عوفاديا يوسف كان يطلب منّا أغنيات أم كلثوم في الحفلات الخاصة، ويردّد معنا أغانيها التي حفظها بالعربية".