منذ بداية الوباء أصبحت عادة التحقق من درجات حرارة الأشخاص أكثر شيوعا، ما تسبب في زيادة مبيعات موازين الحرارة التي تعمل بالأشعة الحمراء، وأجهزة فحص درجة حرارة الجسم الشخصية، حتى مع إشارة العديد من الأدلة العلمية إلى أن الإجراء ليس ذا أهمية.
وكان حاكم ولاية نيويورك في الولايات المتحدة أندرو كومو قد دعا الأسبوع الماضي إلى التحقق من درجات حرارة الزبائن كواحدة من عدة قواعد أساسية لإعادة استئناف تناول الطعام في الصالات المغلقة في المطاعم، بالإضافة إلى قيود صارمة على عدد الطاولات ولبس الكمامات.
ووجدت دراسة جديدة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن هناك فرقا واحدا بين الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، وأولئك الذين لم يصابوا به، هو أن الأفراد المصابين كانوا أكثر عرضة مرتين لتناول الطعام في المطاعم في الأسبوعين السابقين لمرضهم. ومع ذلك، لم تميز الدراسة بين تناول الطعام في الهواء الطلق أو في الصالات المغلقة، التي يعتبرها معظم الخبراء أكثر خطورة.
وبينما أقر مسؤولو الصحة بأن الأقنعة والتباعد إجراءات فعالة للحد من انتشار فيروس كورونا، فإن بعض الخبراء يسخرون من فحوصات الحمى. ويقولون إن قياس درجات الحرارة عند نقاط الدخول ليس أكثر من مسرحية، وهي لفتة لا تقدم أكثر من وهم السلامة.
وعرّفت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الحمى بأنها درجة حرارة 38 درجة أو أعلى، لكن بعض التقارير شككت بقدرة موازين الحرارة على قياس الحرارة بدقة.
وفي حين أن فحوصات درجة الحرارة قد تحدد الأشخاص المصابين بأعراض خطيرة، إلا أن هؤلاء هم الأشخاص الذين غالبا لا يخرجون لتناول الوجبات ولا يتواصلون كثيرا مع الآخرين. وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن العديد من أولئك الذين ينقلون العدوى هم ناقلون صامتون، أي مصابون بالعدوى، لكن ليس لديهم حمى أو أي أعراض أخرى.
وقال مركز السيطرة على الأمراض إنه سيتوقف عن طلب الفحوصات الصحية في المطارات بدءا من 14 سبتمبر للمسافرين الدوليين من الصين وإيران والبرازيل ودول أخرى، لأنه لا يمكن للفحوصات تحديد ومعرفة الناقلين الصامتين.
وقال الدكتور ديفيد توماس أخصائي الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، إن فحوصات درجة الحرارة تشبه "فحص زيت السيارة قبل الذهاب في رحلة طويلة"، قد يجعلك تشعر بتحسن لكنه لن يمنع سيارتك من التعطل أو الإطارات من الانفجار.. "هو لن يجعل رحلتك أكثر أمانا".
وتابع: "فحص الحرارة يجعلك تشعر وكأنك تفعل شيئا ما، لكنك لن تعرف أبدا معظم الأشخاص الذين ينشرون فيروس كورونا دون أعراض".
وقال الدكتور توماس ماكغين نائب الرئيس الأول في نورثويل هيلث إن غياب الحمى "لا يعني شيئا، إنه ليس اختبارا حساسا"، ولكنه يوصل رسالة مهمة للصحة العامة، ويعمل بمثابة تذكير بأنه يجب على الناس اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وهذا أمر بحد ذاته قد يكون مفيدا.
ووصف الأطباء الذين يكتبون في مجلة نيو إنغلاند الطبية ظاهرة عدم وجود أعراض للمصابين، بـ"نقطة الضعف للسيطرة على جائحة فيروس كورونا".
وتعود الأدلة على انتشار الفيروس دون أعراض إلى وقت مبكر من الجائحة، لكنها تتزايد منذ ذلك الحين. وكانت دراسة حديثة من كوريا الجنوبية قد قدمت في أغسطس دليلا إضافيا، حيث وجدت أن الأفراد المصابين الذين لا يشعرون بالمرض أو أي أعراض، قد يحملون نفس القدر من الفيروسات في أنوفهم وحلوقهم ورئاتهم، مثل الأشخاص الذين يعانون من الأعراض، وربما لفترة أطول.
وذكر الدكتور دافيد بالتيل أن "الناقلين الصامتين" هم من يقودون حملة نقل العدوى، ويوسعون من انتشار الفيروس. وقال إن فحوصات درجات الحرارة لن تفعل شيئا لوقف هذه "القنابل الموقوتة" إنها فكرة سيئة".
ومن المثير للاهتمام أنه حتى مرضى فيروس كورونا المصابين بأعراض خطيرة ويحتاجون إلى رعاية طبية، لا يعانون دائما من ارتفاع في درجات الحرارة. من بين ما يقرب من 6000 مريض في منطقة نيويورك كانوا مرضى للغاية، كان 30 بالمئة منهم فقط مصابين بالحمى عند وصولهم، وفقا لدراسة أجراها دكتور ماكغين ونشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية.
وقال مسؤولون من وكالة الصحة الفيدرالية إن خلاصة القول هي أن فحص الموظفين بحثا عن فيروس كورونا، بما في ذلك استخدام فحوصات درجات الحرارة قبل عودتهم إلى العمل، هي "استراتيجية اختيارية يمكن للشركات التفكير في تنفيذها اعتمادا على وضعهم المحلي".