في علم الاقتصاد يساعد سعر الفائدة البنك المركزي في التحكم في عرض النقود المتداولة من خلال تغيير سعر الفائدة صعوداً ونزولاً، فإذا أرادت الدولة تقليل نسبة السيولة في السوق وتقليل عمليات الاقتراض، فإنها تقوم برفع سعر الفائدة وبالتالي خفض نسبة التضخم وفق النظرية الاقتصادية، وعندما تريد الدولة أن تزيد عمليات الاقتراض فإنها تقوم بزيادة نسبة السيولة في السوق من خلال خفض سعر الفائدة.
ولفهم العملية السابقة علينا أن نتعرف على سعر الفائدة والذي يعتبر السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية سواء أكان استثماراً لمدة يوماً واحداً، شهراً أو أكثر. ويعد هذا السعر مؤشراً لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي.
ما يعانيه الاقتصاد التركي حالياً هو، خلل مزمن في الميزان التجاري، يرافقه تضخم مزمن ومستمر صاحبه انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، وبالتالي انخفاض القوة الشرائية.
أما التضخم فهو عبارة عن ارتفاع مستمر ومؤثر في المستوى العام للأسعار، وبالتالي فإن الزيادة المؤقتة لا تعتبر تضخماً. ويجب ملاحظة أن التضخم يعمل على تقليل القوة الشرائية للأفراد (كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها في حدود الدخل المتاح حيث أن التضخم يمثل ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات).
التصرف الطبيعي في علم الاقتصاد في مثل هذه الحالات للسيطرة على السيولة هو قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة لتشجيع الفوائض المالية العالية لإيداعها بالبنوك، حيث ترفع نسب الفائدة على الإقراض ليقل بذلك الطلب على القروض، ويتم التحكم في نسب السيولة، وبالتالي خفض التضخم.
في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وإعلان البنك المركزي تخفيض سعر الفائدة في تركيا، يتوقع اقتصاديون أن يؤدي تخفيض الفائدة إلى ارتفاع التضخم. ولكن الدولة التركية من خلال النموذج الجديد في النمو الاقتصادي الذي أعلنت عنه قبل يومين ترى أن إبقاء أسعار الفائدة منخفضة سوف يدعم الاستثمار والإنتاج، ويزيد من العمالة، وبالتالي يكون لذلك آثاراً إيجابية على صعيد التصدير، وزيادة العرض من النقد الأجنبي، وانخفاض سعر صرف الليرة سوف يكون له آثاراً إيجابية على صعيد دعم القطاع السياحي وتزايد أعداد الوافدين من جهة وزيادة كلفة الواردات من جهة أخرى، وكنتيجة لذلك تقليل الفجوة في الميزان التجاري وخفض الدين الخارجي، ولم يأخذ هذا النموذج في الاعتبار سعر الصرف والتضخم، والذي ربما يشكل عائقاً حقيقياً أمام النموذج التركي الجديد.
على الجانب الآخر فإن لتدهور سعر صرف العملة التركية واستمرار التضخم آثاراً سلبية على القوة الشرائية، وتضرر الأسر من محدودي الدخل، لذلك ستعمل الحكومة التركية على زيادة القدرة الشرائية لمحدودي الدخل وزيادة الحد الأدنى للأجور.
ولكن ما سبق يتوقف على ثقة أصحاب المدخرات أو جلب الاستثمار الأجنبي لتحريك عجلة الإنتاج في تركيا في ظل انخفاض قيمة العملة، ومرهون بمساهمة القطاع السياحي في النموذج الجديد للاقتصاد التركي.