بدلًا من إثارة الخوف لدى الأوكرانيين، ألهم طابور من المركبات الروسية ممتد على عشرات الكيلومترات سكان كييف للانضمام إلى المقاومة.
ويقول مراسلا صحيفة "واشنطن بوست" (Washington post) بكييف سيبوهان أوغرادي وكارون دميرجيان، في تقرير لهما من العاصمة الأوكرانية، إن هذه القافلة التي يبلغ طولها نحو 40 ميلًا (قرابة 65 كيلومترا) من المركبات المدرعة والدبابات والمدفعية الروسية المتوجهة من الشمال على طريق مؤد إلى كييف أثارت قلق وإرباك مراقبي هذه الحرب المتوسعة، ليس بسبب حجمها فقط بل بسبب توقفها بضعة أيام من دون تحرك ملحوظ، حسب المراسلين.
ولعرقلة التسلل المحتمل للقوات الروسية الموجودة ضمن هذه القافلة التي لا تبعد عن العاصمة سوى 15 ميلا (نحو 24 كيلومترا) نصب الأوكرانيون حواجز مؤقتة في جميع أنحاء كييف، وفي بعض الطرق الإستراتيجية، وأوقفوا حافلات الترام وحافلات أخرى لإبطاء أي تقدم محتمل للآليات العسكرية الروسية.
كما أنشئت نقاط تفتيش لفحص بطاقات الهوية بغية استئصال المخربين المحتملين، وقد علق رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو -في مقابلة له- على ما يقوم به سكان المدينة لمواجهة الروس قائلا "لدينا كثير من الهدايا" للروس، لكنها "ليست لذيذة.. بل هي مؤلمة جدا".
وينسب المراسلان لمسؤولين أميركيين إرجاعهم سبب هذا التوقف إلى الإخفاقات اللوجستية من الجانب الروسي، بما في ذلك نقص الغذاء والوقود، مما أدى إلى إبطاء تقدم قواتهم عبر أجزاء مختلفة من البلاد. كما أرجعوا الفضل في ذلك أيضا إلى الجهود الأوكرانية لمهاجمة أجزاء مختارة من القافلة بغية شلها. ومع ذلك، يحذر المسؤولون من أن الروس يمكن أن يعيدوا تجميع صفوفهم في أي لحظة ويواصلوا الزحف إلى الأمام.
ويشير الكاتبان إلى أن القافلة الروسية كانت مصدر إلهام أكثر منها مبعث خوف، إذ حفزت السكان على الانتقام من الحرب الروسية بأي طريقة ممكنة، ويؤكد كليتشكو أن "الهدف هو عاصمة أوكرانيا"، ويعترف بأن تحركات القوات الروسية من الشمال تشكل خطرا، لكنه يضيف في نبرة تحد "ونحن نستعد للرد".
وفي شمال كييف، يقول الكاتبان إن الجنود والمتطوعين حفروا خنادق وأقاموا مواقع وأحضروا معدات -بما في ذلك مدفع مضاد للطائرات- استعدادًا لوصول القوات الروسية المحتمل إلى العاصمة، كما أُغلقت كل الأعمال التجارية في المدينة تقريبًا، باستثناء بعض البقالات ومحطات الوقود والصيدليات، ومع إغلاق المدارس والمكاتب، فرّ السكان بأعداد كبيرة أو انضموا إلى المقاومة، حسب الكاتبان.
وبينما يقول المسؤولون الأميركيون إن القافلة مصممة لسد أي نقص محتمل في القوات الروسية في العتاد والرجال، فإنهم يقرون أنه لا يزال من الممكن أن تكون بعض العناصر تهدف إلى المساعدة في الهجوم.
ونقل الكاتبان في هذا الصدد ما قاله المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي أمس الاثنين من أن "تقييمنا هو أن الغرض منها إعادة الإمداد إلى حد كبير، لكن لا يمكنني استبعاد عدم وجود مركبات قتالية"، و"لا يمكننا حتى أن نقول إنها قافلة واحدة وليست مجموعة قوافل".
وفي غياب الطائرات المقاتلة التي يرفض الغرب حتى الآن تسليمها لأوكرانيا، يأمل بعض الأوكرانيين أن تساعدهم المسيّرات التركية على ضرب هذه القافلة، وعلى الرغم من أن السكان يستعدون للقافلة التي تقترب، فإنهم يدركون الآن أنهم ربما لن يجدوا فرصة للخروج قريبًا لأن الروس ما فتئوا يسيطرون على مزيد من الطرق.
ويقول المراسلان إن محطة القطار المركزية في كييف اكتظت أمس الاثنين بالعائلات الهاربة، وكان العديد منهم يحملون كلابهم وقططهم وكانوا محشورين في قطارات مزدحمة متجهة غربا.